محمد الحمدان..وقريته “البير” من أهم المنجزات الثقافية التي قامت بها الإدارة العامة للنشاطات الثقافية بالرئاسة العامة لرعاية الشباب تبني سلسلة "هذه بلادنا" للتعريف بمدن المملكة ومحافظاتها وقراها بالتعاون مع عدد من أبنائها المهتمين بالتاريخ والأدب والتوثيق الشفهي ، ولقد أحسن النادي الأدبي بالرياض حينما عقد في شهر شوال الماضي 1431ه ندوة متزامنة مع فعاليات اليوم الوطني لتقويم مسيرة هذه السلسلة التي أكدت نجاحها بما حقّقته من صدى ممتاز لدى القراء ؛ مما حمل وزارة الثقافة والإعلام على أن تواصل إصدار هذه السلسلة ودعمها حينما تسلمت الجوانب الثقافية من الرئاسة العامة لرعاية الشباب عام 1424ه . ولقد أُتيح لي الاطلاع على عدد لا بأس به من أعداد هذه السلسلة التي قاربت مئة كتاب ، ومنها كتاب ألفه الأستاذ محمد بن عبدالله الحمدان عن قريته (البير) ، ورقمه في السلسلة (63) ، وصدر في عام 1422ه2001م ، ويقع في ثلاثمئة وخمسين صفحة من القطع المتوسط . و(البير) مركز تابع لمحافظة ثادق ، وتبعد عن مدينة الرياض 120شمالاً ، ومن أشهر علمائها وأدبائها: ابن عبّاد (المؤرخ) ، وابن قاسم (الشيخ جامع فتاوى ابن تيمية) . ويظهر أن الحمدان أنفق سنوات طويلة جداً في جمع المعلومات عن (البير) ؛ لأن الكتاب تضمن بحثاً معمّقاً واستقصاء ودقة مع رفد المعلومات بالوثائق والخطوط والصور النادرة ، واستعانته بعدد من المخطوطات ، وساعده على ذلك كونه من أهل (البير) ، ومن أوائل المتعلمين فيها ، ومن أبرز المشتغلين بالصحافة والكتابة من أبنائها، إضافة إلى امتلاكه مكتبة قيس الشهيرة المعروفة بالنوادر والمخطوطات والصحف والمجلات القديمة . ولأن المؤلف صديق وأخ كريم فلعله يقبل مني بعض الملحوظات ؛ للاستفادة منها في الطبعة المقبلة ، وبخاصة أنه مضى على طبعه نحو عشر سنوات ، ويحتاج إلى تحديث معلوماته . ومن المآخذ على الكتاب في نظري كثرة صفحاته ، وكان يمكن اختصار صفحاته إلى مئتي صفحة على أكثر تقدير إذ هو يؤرّخ لقرية وليس لمدينة كبيرة ، ثم إن مما ضخّم حجم الكتاب الاستطرادات التي يلجأ إليها المؤلف بين حين وآخر ، مما يعد خروجاً عن مادة الكتاب ومنهجه ، وسأضرب على ذلك بمثالين فقط ، ففي ص218تحدث عن النخيل والتمور بمقدمة طويلة وهامش ذكر فيه عناوين 28كتاباً عن النخيل والتمور تتوافر في مكتبته! وفي الصفحة 261يجيء الفصل الحادي عشر ، وعنوانه " موضوعات متفرقة" ، وهو خارج تماماً عن موضوع الكتاب ، وحقه الحذف ، وبدأه بالحديث عن " الكبر" معترفاً بأنه مقحم على مادة الكتاب حينما قال : " هذا الباب أو الفصل كتبته وأقحمته في الكتاب نصيحة لأهل البير...!!" . ومما كان يمكن الاستغناء عنه الرسالة المطولة التي تلقاها المؤلف من محمد المبارك وأثبتها بنصها في الصفحات (1924) ، وكان عليه أن يستفيد من زبدتها دون النص الكامل لها . على أن الكتاب رغم أنه جاد في معلوماته مدعم بالوثائق ، فإن المؤلف وهو من الكتاب الساخرين قد طعّم الكتاب بمجموعة من القصص والطرائف استقاها من أهالي (البير) وترتبط بتاريخها وحياة أهلها بأوثق الأسباب ، وهو ما خفّف صرامة التاريخ ودقة الجغرافيا في الكتاب . [email protected]