يعتبر الفيس بوك اليوم ثالث أكبر دولة في العالم بعد الصين والهند، بعد أن نعرف أن عدد عالمه الافتراضي بلغ أكثر من (500) مليون مشترك! وإذا كان مالكو موقع فيس بوك (مارك زكربيرج ودستن موسكوفيتز) ترجع أصولهم إلى اليهودية، ويرتبط استثمار موقعهم مع شركة (in-q-tel) التكنولوجية التي أسستها الاستخبارات الأمريكية (CIA) فهذا يعني أن القوم يتحركون بمؤشرات، يمكن أن تستثمر النشاط الإنساني المعلوماتي والاتصالاتي في سياسات جديدة! وأظن أننا كعرب بعيدون عن فهم سياسة تلك الأفكار، لأننا صرنا مستقبلين ومستهلكين فقط. ومن دلائل ما يدعو للعجب منا الأخبار المتوالية والأفكار التي يقدمها بعض الوزراء في الفيس بوك مع الجمهور. فما إن يعلن أحدهم دخوله لهذا العالم إلا وتجد الصفحات المدبجة في الصحف عن هذا الفتح، وأنه اللحاق بركب التطور وسرعة الإنجاز! ومع الأسابيع أو الأيام القليلة من بدء الإعلان، تجد أن تلك الصفحة صارت موقعًا للأحلام، ومتجرًا للأوهام، يستحق شهادة إنذار على طريقة (النايل سات) مع القنوات العربية! لقد حولنا نحن العرب (الفيس بوك) إلى مركز ومقهى اجتماعي، عن علومنا وأخبارنا، مع بعض الزيادات الثقافية التي نفرِّغ فيها شحوناتنا الحضارية المزيفة، إلا ما رحم ربك. ويزيد الخرق اتساعًا دخول بعض الوزراء العمالقة، الذين يطالبون الجمهور بالتواصل، والمبدعين بالتفاعل، فإذا تحرك القطار وجدنا أن الوزير وأعوانه هم المسافرون، والناس يلوِّحون ويصفقون! لدينا اليوم حالات ملل شديدة من (بربقندة) بعض المسؤولين في ترويج مشروعاتهم القادمة أو الصامتة! إن (الفيس بوك) اليوم صار تجمعًا وتشكلًا لمجموعات كبيرة من جيل الشباب الذين يمثلون نصف البلد، ودغدغة مشاعرهم بفتح صفحات، وكتابة بعض التصريحات والتعليقات، لا يقنعهم ولا يشغلهم عن الحقيقة التي يعرفون، ما لم توافق أقوالهم أفعالهم، وهذه هي الخلاصة! كنت قبل أسبوعين في مؤتمر (الشباب والمسؤولية الاجتماعية) بأندونيسيا، وتحدث الأخ الدكتور (عمرو خالد) عن الإعلام الإسلامي، وأنه لم يواكب التطور، ولم يستفد من الإمكانات، وأنه بعيد، وبعيد جدًا عن المطلوب! واليوم نكرر الدور نفسه، يوم نستخدم آليات العصر المذهلة بنفس الشعارات العربية، والنهايات الأليمة! ولا أدري ماذا سيفعل وزراؤنا (الفيس بوكيون) إذا عرفوا أن العالم الفيزيائي البريطاني الكبير (د. ستيفن هوكنغ) صار يحذر اليوم وللمرة الثالثة من الاتصالات بسكان الكواكب الأخرى، مع أن شيئًا من ذلك لم يحدث، ولكنه لا يستبعد حدوثه فجأة، فالتقدم في التكنولوجيا الحديثة من الممكن أن يجعل الاتصال سهلًا؟! أخشى ما أخشاه أن يصابوا بداء المعلمين بعد التقاعد أن يفتحوا محلًا للعقار، ولكني أتوقع أن يكون التواصل مع زبائنهم عبر الفيس بوك، فالأرض لنا، والسماء لغيرنا، من مستثمري (CIA)، والله المستعان.