كم يومًا مضى على بدء العام الدراسي؟ ما الخطة المناسبة التي نظّمتها المدرسة لتوفير بيئة آمنة للمتعلم؟. هل فكّرنا في أن نترك للتلميذ حرية اختيار المعلّم الذي سيعهد إليه تدريسه؟ هل خيّرناه في الصف الذي سيدرس به؟. أم أن الجدول المدرسي، والكتب، وسد العجز في المدارس، والأرقام التي تمتلئ بها الإحصائيات كانت شغلنا الشاغل؟ لندع ذاك كله جانبًا، ونتناول الموضوع الأكثر خطورة، والذي يجب أن يدرج في قوائم إحصائياتنا.. حالات العنف في حق التلاميذ المستجدين؟! لم يمضِ على بداية العام الدراسي سوى أيام معدودة، حتى سمعنا عن كمٍ لا يُستهان بعدده من الشكاوى من أولياء الأمور، وكلها تشير إلى وجود عنف يُمارس في حق التلميذ، وأيّ تلميذ.. إنه التلميذ المستجد في الصف الأول، العنف الذي لا تفسير لظاهرته سوى التسلّط والجبروت، فلمَ لا يلجأ إليه المعلم!؟ فهو يريد أن يضبط، وينظم؛ ليجنّب نفسه الجهد والعناء مع هؤلاء الصغار!! حتى أضحى هذا الأسلوب نمطًا يمارس خلال اليوم الدراسي، مثله مثل طابور الصباح، والحصص الدراسية والفسحة! فلا حق له في الشكوى، أو الاعتراض، أو إبداء الرأي.. فأيّ بيئة هذه التي تستهدف هذه النفس البريئة؟ مَن يرجع لهذا الصغير حقه في الحصول على بيئة آمنة تلبي حاجاته؟ علينا أن نعترف أننا ساهمنا في إهدار حقه الذي ضاع بين استمارات المسح التي أسقطنا منها خانة -حالات العنف في المدرسة-! كما بطنَّا الاعتراف بتنامي هذه الظاهرة في مدارسنا بالتعاميم التي كانت ستارًا نُخفي تقصيرنا خلفه، وحين اعترفنا به (موّهناه) بين سطور اجتماعاتنا تحت مسمّى.. التعامل بأساليب تربوية مع الطالب. ضاع حق التلميذ بين التحقيق مع المعلم المعنِّف له، والعقوبة التي تسفر في نهايتها عن ورقة تُدرج في ملفه أو تُطوى! أمّا حالة الخوف الشديد والقلق الدائم -والعطالة النفسية التي تنعكس سلبًا على مستوى تكيفه الذاتي والاجتماعي- والكرامة المسلوبة بالشتم والصراخ عليه فلا يُدار لها بال! ويكفي التلميذ كي يجتاز حالته تلك أن ينقل من صف إلى صف آخر!! قسرًا دون الأخذ برأيه! ودون الأخذ في الاعتبار أنه يحتاج إلى تأهيل نفسي كي يسترد ثقته في هذه البيئة التي يفترض بها أن تلبي حاجاته النفسية والتربوية قبل التعليمية. مرصد.. كي تصبح مربيًا إيجابيًّا، فما عليك إلّا أن تغير مركز اهتمامك: من ذاتك إلى ذات طفلك، ومن خوفك على هيبتك وسلطتك إلى خوفك على حاجات طفلك وحقوقه. [email protected]