تفضل نادي الأحساء الأدبي عليّ بدعوة لحضور فعاليات ملتقى جواثى الثاني في التاسع عشر من شوال 1431ه، وتعذر حضوري لالتزام في الرياض، وعلمت بسفر أستاذي وصديقي الغالي الدكتور محمد الربيّع للأحساء للمشاركة في فعاليات الملتقى فطلبت منه التكرم وتزويدي بأي إصدارات للنادي يتم توزيعها في الملتقى. وفور عودته كنت على اتصال به أسأل عن النادي وأخباره وعن الملتقى وفعالياته وإصداراته فأخبرني بصدور “معجم شعراء الأحساء المعاصرين”، وأنه أحضر لي نسخة فشكرت له صنيعه. عدت إلى منزلي متأبطًا المعجم مزهوًا بهذا العمل، الذي كان مفاجأة سارة جدًا لنادٍ حديث النشأة (تأسس عام 1428ه)؛ لأن هناك العديد من المؤسسات الثقافية تعلن بين آونة وأخرى عن عزمها إصدار معجم لأدباء منطقة معينة وتذهب السنون دون تحقق هذه الفكرة أو تلك؛ ولذلك فإن إنجاز نادي الأحساء الأدبي لهذا المعجم في وقت وجيز جدًا مع جودة وإتقان، وإسناد العمل فيه إلى لجنة متخصصة، معظمهم من الشعراء والباحثين في الأدب والنقد يعد نجاحًا مبكرًا ومتوقعا. يقع المعجم في نحو خمسمائة صفحة، ويقتصر على الفترة من 14011430ه، وتصدّرته مقدمة لرئيس النادي الدكتور يوسف بن عبداللطيف الجبر، ويضم تراجم ومختارات شعرية لتسع وتسعين شاعرًا وشاعرة، من بينهم عدد من المشاهير مثل : غازي القصيبي، ويوسف أبو سعد، ومبارك بوبشيت، وجاسم الصحيّح، وخالد الحليبي، وغيرهم، إضافة إلى الشباب الذين برزوا مؤخرًا، وفي مقدمتهم شاعر عكاظ ناجي علي حرابة. والحق أن المعجم عمل علمي مهم ظهرت فيه الذائقة الأدبية الجيدة في اختيار النصوص مع ضبطها بالشكل، وهو إنجاز يضاف إلى الكتاب الشهير “شعراء هجر”، الذي أصدره عبدالفتاح الحلو رحمه الله قبل أكثر من نصف قرن. وإن كان من ملحوظات عابرة على المعجم، فإنني وددت توحيد المنهج في التراجم إذ بدا فيها بعض الارتباك، ففي بعضها يذكر تاريخ الولادة بالهجري والميلادي، وأحيانًا بالهجري فقط، وفي أحيان أخرى بالميلادي وحده، وكان الأولى توحيد المنهج. ولم تسر التراجم على وتيرة واحدة، فبعضها بدت تقليدية نمطية في تقديم المعلومات عن الشخصية، وبعضها الآخر كتبت بأسلوب أدبي جذّاب، وكنت أتطلع إلى مزج الطريقتين في جميع التراجم؛ ولعل هذا يتحقق في الطبعة القادمة بإذن الله. معجم شعراء الأحساء المعاصرين عمل جدير بالاحتفاء والتقدير، وتحية لنادي الأحساء الأدبي وللجنة التي أشرفت على المعجم. [email protected]