استوقفنا مطولاً ما تناقلته الصحف وخاصة هذه الصحيفة عن عملية القبض على عدد من كتّاب العدل وبعض القضاة ومجموعة من موظفي أمانة المدينة ليس بوصفهم من المرتشين بل لأنهم ينتمون إلى قطاع يفترض بهم من خلال مواقعهم أن يكونوا مؤتمنين على حماية القضاء وصون الحقوق العامة والخاصة ومدافعين عن مصالح الناس وساهرين إلى جانب القوى الأمنية لمنع الغش والفساد والرشوة . هذا على المستوى المهني، أما على المستوى الأخلاقي فكان الحريّ بهم بحكم مزاولة عملهم في المدينةالمنورة أن يكونوا القدوة لكل من ماثلهم في الوظيفة في مناطق أخرى كونهم يمكثون على أرض طاهرة تضم بين حناياها جسد الرسول الأعظم والذي ما كانت رسالته إلا من أجل إشاعة مكارم الأخلاق في القول والفعل، وفي السر والعلن كما أمره الله تعالى، وقد كان خير مؤتمن من أجل تأسيس خير بشرية . وإذا كانت المكانة المقدسة للمدينة المنورة لم ترهبهم، وإذا كانت مهنهم التي يفترض أن تكون القدوة والمثال لم تمنعهم، فمن القادر على ردعهم إذاً !! طالما أن مكنونات ذواتهم تفتقر للحد الأدنى من الردع والمساءلة وصحوة الضمير ؟ وما هو الفرق بين هؤلاء المفسدين المرتشين والإرهابيين الذين روّعوا الآمنين ؟ ومن الضروري التأكيد على أن هؤلاء القضاة والموظفين المتهمين في هذه الجرائم يبرأ منهم النظام القضائي الشامخ بقضاته ورجاله الذين يخافون الله ولا يخافون فيه لومة لائم ... فحرص سماحة رئيس مجلس القضاء الأعلى ومعالي وزير العدل على تحديث وإصلاح مرفق القضاء على كافة المستويات ...لا يقل عن حرصهم بالضرب بسيف الحق والعدل على من يتجرأ للنيل من هذا المرفق الشامخ . فالقضاء يأخذ مجراه لإعطاء كل ذي حق حقه وحماية المجتمع ممن يحاول النيل منه ومن مكتسباته وفق نصوص ومواد تحدد طبيعة الجرم ونوعية العقاب وهذا الأمر ينطبق على الإنسان العادي الذي غوته نفسه لجهل أو لطمع، فكيف يكون جزاء من ثبتت عليه تُهم للجرائم المنسوبة إليهم سوى أقصى وأشد العقوبة على ما اقترفت أيديهم مضاعفاً عن غيرهم لأنهم أساءوا بالدرجة الأولى إلى ما اؤتمنوا عليه في وظائفهم وهم الأدرى والأعلم بما يفعلون، ولأنهم استغلوا مناصبهم القضائية والإدارية للثراء غير المشروع، ولأنهم أيضاً من المؤكد أنهم حرضوا آخرين كُثر على الفساد والرشوة من منطلق أن ما يعملونه مباح، فكيف بهم أن يحاكموا غيرهم على ذنب هم يقترفونه يومياً !! فهم من المفسدين في الأرض الذي يجب أن يطبق عليهم حدّ الحرابة التي نصّ عليها القرآن الكريم في دولة اتخذت من القرآن الكريم دستورا لها وما أقدسه من دستور لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه . فمن لا يشكر العبد لا يشكر الله ..فشكراً للعيون الساهرة على حماية الوطن وأمنه ..فما تقوم به أجهزة وزارة الداخلية ممثلة في رجال المباحث الإدارية الذين كشفوا مثل هذه الجرائم ما هو إلا نموذج مشرف لرجال الوطن الأوفياء الذين يعملون بصمت تحت رعاية وقيادة صاحب السمو الملكي النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية وسمو نائبه ومتابعة سمو المساعد للشؤون الأمنية الذين سخروا أنفسهم لتنفيذ توجيهات خادم الحرمين الشريفين الرامية لتحقيق الأمن والرخاء لهذا الوطن ومن يقيم عليه. [email protected]