أن يصدم المراجع لأي إدارة حكومية بنظام البيروقراطية والعراقيل فذلك حدث طبيعي، اعتاد عليه المواطن وتحصن من آثاره، وأصبح يحمل ملفه في يد، ويأسه في اليد الأخرى، فالموظفون الحكوميون لا يدققون في الأوراق بقدر ما يدققون في الوجوه، ولا ينظرون للشروحات بقدر ما يبتكرون من مواد تشل حركة المعاملة، تلك حالة عامة، وليس خاصة بكتابة عدل الأولى بجدة. لكن حالة كتابة العدل هذه هي من نوع آخر ندع (الحُكم) فيها (للخصم)، الذي أقسم على أن يشيع العدل بين الناس، ويرد الحقوق لأصحابها، ويفتي بشرع الله، سقطة كتابة عدل جدة الأولى هذه المرة لم تكن في الحكم أو التشريع، فهم منزهون إن شاء الله، ولكنها سقطة إدارية -إن صح القول- تتعلق بصنع متاعب للمراجعين كان من الممكن تلافيها بشيء من الدقة والتنظيم الإداري، ولا يتحملها (الرئيس) حقيقة، بل يتحملها (مدير الإدارة)، فالرئيس لديه من المهام ما هو أهم من المتابعة الإدارية التي تقتضي تفرغه لها. فلقد حدث يوم الأربعاء الماضي، أن اصطف المراجعون من الساعة السادسة صباحًا لأخذ رقم مراجعة موظف الاستقبال، وحينما بدأ الدوام الرسمي وبدأ موظفو الاستقبال في إحالة المراجعين إلى كتاب العدل، فوجئ بعض المراجعين بأن إحالتهم قد تمت لكتاب عدل، بعضهم في إجازة والبعض الآخر في دورة..! الأمر الذي شكل إرباكًا وامتعاضًا لدى المراجعين، وحينما لم يستطع مدير الإدارة فعل أي شيء، وأمام الصفوف التي أغلقت مكتبه، طلب من الجميع مراجعة رئيس كتابة العدل بصفته غير مسؤول عما حدث. كما أسلفت سابقًا فإن الخطأ (إداري) بحت.. إذ إن إشعار موظف الاستقبال عن غياب أولئك في وقت مناسب يعد من أبسط البديهيات التي يُلجأ لها، لكي لا يحيل المراجعين إلى كتاب عدل هم في إجازات عادية أو استثنائية، أو مرضية، أو في دورات داخلية كانت أم خارجية، بالإضافة إلى أن تكدس المراجعين أمام بوابة كتابة عدل عقب صلاة الفجر بغية الحصول على (رقم) لا يمثل وجهًا حضاريًا لإدارة تتفانى في سبيل التيسير على مراجعيها، ومن المؤكد أنها لا تتحمل سلبيات هذا التصرف، لكنها قادرة على إيجاد بديل لها يضمن توفير مناخ جيد للمراجع الذي يقتطع جزءًا من يوم عمله، ويعطل مصالحه في سبيل إنهاء معاملته، فالعدل لدى أهل العدل.