تكتظ “جادة عكاظ” يوميًا بزوارها -رجال ونساء-، والذين شغفوا بعكاظ حبًا وطالما تمنوا عودته ليروا ويثروا ذاكرتهم بتلك القصائد المعلقة منها والمنقوشة وليتأملوا تلك الحِرف التي امتدت على طول “الجادة” ليروا فيها كيف كان الماضي واليوم تكون حاضرة لكي تكون صانعة لمستقبل ينتظر أجيال مقبلة أن توثّقه كما وثّق عكاظ صورة التاريخ والفكر والأدب والثقافة. “الجادة” لم تكن غير مسرح الشارع.. ترى فيه الحِرف والفنون الشعبية والجمال والخيل وهي تسير، وتسمع قصائد عنترة وطرفة وأصحاب المعلقات جميعهم وهي تُلقى بأصوات عالية، فتقرأ فيه مباديء ومضامين الإنسانية، ومكارم جاء بها الإسلام. وتمتلئ “الجادة” بالجمهور وقد تحلّق حول ممثلين يقدمون مسرحية باللغة العربية، لتكون “الجادة” محطة قراءة وتأمل أيضًا لإحياء اللغة العربية من خلال النصوص الملقاة على مسرح الشارع أو من خلال الخطب التي تلقى نماذج منها، وذلك لإحياء كيفية الخطابة والأسلوب الذي يجب أن تكون فيه. زوار “الجادة” تراهم وهم يقفون ويستوقفون الممثلين الذي يرتدون الزي التاريخي ليلتقطوا صورًا تذكارية لأبنائهم مع أولئك الفرسان الذي يمثّلون نماذج لفرسان التاريخ ويتحدثون باللغة العربية الفصحى حتى مع الأطفال، لهذا تجد الكثير من الشباب من مرتادي “الجادة” وزوار السوق يتحدثون ببعض المفردات اللغة العربية التي تحمل صيغة الترحيب أو السؤال، في صورة تؤكد بأن عكاظ استطاع أن يبلور الصورة الحقيقية التي جاء من أجلها وهي إحياء اللغة والتراث والتاريخ، وإنه كما قال صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل: “هو سوق ثقافي فكري أدبي تاريخي”. الزائر ل “الجادة” لا يتعنى كثيرًا من طولها، بل يتغنى بتلك المعلقات المنقوشة على صخور متناثرة، ومعها تلك الكراسي المتناثره هنا وهناك ليرتاح فيها الزائر. وفي مسرحية “طرفة بن العبد” أيضًا تجد رواجًا، فتمتليء الخيمة العكاظية بزوار الجادة ليقرأوا فروسية عنترة وما قدم من نماذج من المباديء والمضامين التي حفلت بها معلقته وسيرته، كذلك المعارض الثقافية التي تمثّل الصورة الفوتوغرافية والخط العربي.