انطلقت مفاوضات السلام المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين بعد ضغط أمريكي شديد لتحريك ملف السلام في المنطقة، وإن كان الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي عادا إلى طاولة المفاوضات فإن هذه الجديدة من بدأت في مناخ متوتر بسبب قضية الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية اذ ترفض اسرائيل تمديد مهلة تجميد الاستيطان التي تنتهي في 26 سبتمبر الجاري بينما يهدد الفلسطينيون بوقف المفاوضات اذا ما استأنف المستوطنون البناء في الضفة الغربيةوالقدسالشرقية. وكان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو استبق الجولة الثانية بتأكيد عزمه على عدم تمديد قرار تجميد الاستيطان. وقال الاحد ان «اسرائيل لن تواصل تجميد الاستيطان ولكنها لن تبني الاف المساكن المخططة»، فيما ألمح امين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه الذي يرافق عباس في شرم الشيخ الى ان الفلسطينيين لن يقبلوا الدخول في اي محادثات حول القضايا الجوهرية قبل الاتفاق على وقف الاستيطان. قائلا: «بالنسبة لنا موضوع الاستيطان يشكل عقبة حقيقية امام انطلاق المفاوضات»، كما أن الرئيس الأمريكي باراك اوباما ركز على هذه القضية دون غيرها في مؤتمر صحفي في البيت الأبيض حيث قال أنه وكان «من المنطقي أن يتم تمديد فترة التجميد (للتوسع الاستيطاني) مادامت المحادثات تسير بصورة بناءة». فكيف بدأ الاستيطان الإسرائيلي ولماذا تصر عليه تل أبيب وما هو الخطر الذي يشكله على الفلسطينيين، وما هي الرؤى للتعامل معه. خلفية تاريخية منذ عام 1967 عملت حكومات اسرائيل جاهدةً على بناء وتوسيع المستوطنات، سواء من حيث توسيع رقعتها او زيادة عدد سكانها. نتيجة هذه السياسة، يعيش اليوم حوالي 380،000 مستوطن اسرائيلي يحملون الجنسية الاسرائيلية، في مستوطنات الضفة الغربية وشرقي القدس (التقرير لا يشمل المستوطنات في قطاع غزة). في العقد الاول للاحتلال، عملت حكومات حزب العمل (المعراخ) بموجب "خطة الون"، التي توصي ببناء مستوطنات في مناطق ذات "اهمية امنية" والتي فيها كثافة سكانية فلسطينية منخفضة، مثل غور الاردن، اجزاء من جبال الخليل، القدس وضواحيها. مع اعتلاء حزب التكتل (الليكود) للحكم في عام 1977، بدأت الحكومة ببناء مستوطنات في جميع انحاء الضفة الغربية، خاصة في المناطق التي يتركز فيها الفلسطينيون، على قمم الجبال وفي المناطق الواقعة غربي خط رام الله-نابلس. هذه السياسة تنبع من دوافع امنية وايديولوجية معاً. العملية السياسية بين اسرائيل والفلسطينيين لم تؤثر على عملية الاستيطان، حيث استمرت عملية توسيعها حتى في عهد حكومة رابين وبيريس (1996-1992)، والحكومات التي اتت بعدها. حيث قامت هذه الحكومات ببناء الآف الوحدات السكنية معللة ذلك بضرورات للتكاثر السكاني للمستوطنين. نتيجة لهذا، ازداد عدد المستوطنين الضعف تقريباً في الفترة ما بين 2000-1993. القانون الدولي بناء المستوطنات في الضفة الغربية يعد خرق للقانون الدولي الانساني، الذي ينص على القوانين والنظم المتبعة في اوقات الحرب والاحتلال. بل ويعد هذا ايضاً خرق لحقوق الانسان المتعارف عليها بموجب القانون الدولي. القانون الدولي الانساني يمنع الدولة المحتلة من نقل مواطنيها الى المناطق التي قامت باحتلالها (بند 49 لاتفاقية جينيف الرابعة). بالاضافة الى ذلك تنص انظمة "هاج" على منع الدولة المحتلة من اجراء تغيرات دائمة فى الاراضي المحتلة، باستثناء تغيرات ضرورية لحاجات عسكرية او لصالح السكان المحليين. بناء المستوطنات يمس بحقوق الفلسطينيين، المنصوص عليها في القانون الدولي فيما يخص حقوق الانسان. من بين الحقوق المنتهكة، الحق بتقرير المصير، حق المساواة، حق الملكية، الحق لمستوى لائق للحياة وحق حرية التنقل. حقيقة كون المستوطنات غير شرعية وغير قانونية بموجب القانون الانساني الدولي، لا تؤثر على مكانة المستوطنين الذين يسكنوها، حيث يعتبرون سكان مدنيين يحق توفير الحماية اللازمة لهم. وحقيقة كون المستوطنين جزء من قوات الامن الاسرائيلية، من المفروض ان لا تؤثر على بقية المستوطنين المدنيين. آلية الاستيلاء على الاراضي بواسطة آلية قضائية بروقراطية معقدة، استولت اسرائيل على حوالي %50 من مساحة الضفة الغربية، وكان هذا بالاساس لبناء المستوطنات وتحضير احتياط في حالة ضرورة توسيعها. الاعلان عن الاراضي كاراضي دولة وتسجيلها على هذا الاساس، هي الطريقة المركزية للاستيلاء على الاراضي. هذاالاجراء بدأ اتباعه في عام 1979 واستند على تطبيق قانون الاراضي العثماني من عام 1858، الذي كان ساري المفعول عشية الاحتلال. طرق اخرى اتبعتها اسرائيل للاستيلاء على الاراضي، والتي تستند على اساس قضائي، هي طريقة اعلانها مناطق عسكرية، اعلان عنها "ممتلكات متروكة" ومصادرة اراضي لاحتياجات جماهيرية. بالاضافة الى ذلك، ساعدت اسرائيل مواطنين افراد على شراء اراضي في السوق الحرة. الاستيلاء على الاراضي تم بمخالفة القوانين الاساسية لأي اجراء عادل. حيث في الكثير من الاحيان لم يعرف الفلسطينيون بان اراضيهم قد تم تسجيلها على اسم الدولة، ولما عرفوا بذلك كان موعد تقديم الاعتراض متأخراً، بل وواجب الاثبات وقع دائماً على الفلسطينيين الذين يدعون بان الاراضي ملكاً لهم، ولو نجح صاحب الارض باثبات ملكيته للارض، في بعض الاحيان تسجل الارض باسم الدولة بادعاء ان هذه الارض قد تم تسليمها للمستوطنة "بحسن نية". كل هذه الطرق تصب في هدف واحد: بناء مستوطنات مدنية في الاراضي المحتلة. لذلك، فان الطريقة التي يتم بها نقل الملكية على الاراضي من الفلسطينيين الى الاسرائيليين ثانوية. اضافة الى ذلك، بما ان الهدف غير مشروع حسب القانون الدولي، اي بناء المستوطنات، فان تحقيق هذا الهدف غير مشروع ايضاً. استخدام الاراضي كان مقصوراً على المستوطنات، بل ومنعت اسرائيل الفلسطينيين من استعمالها لأي غرض كان. هذا الاستخدام مرفوض وغير قانوني، بغض النظر عن قانونية اجراء الاستيلاء وانه بموجب القانون الدولي والقانون الاردني. كون اسرائيل القوة المحتلة للاراضي، فانه يترتب عليها الاحذ بعين الاعتبار احتياجات الفلسطينيين عند استعمالها لاراضي عامة. في غالبية الاحيان تعاونت محكمة العدل العليا مع آلية الاستيلاء على الاراضي، وساعدت بخاق رداء قانوني لهذه الاجراءات. في بادئ الامر قبلت محكمة العدل العليا ادعاء الدولة بأن الحتياجات العسكرية الملحة وسمحت للدولة بمصادرة اراضي يمتلكها سكان فلسطينيون لاقامة هذه المستوطنات. ورفضت محكمة العدل العليا التدخل لمنع اجراء الاعلان عن الاراضي كاراضي دولة. سياسة ضم الاراضي والحكم المحلي قامت سلطات الحكم الاسرائيلي بتطبيق معظم القوانين الاسرائيلية على المستوطنات والمستوطنين، وبهذا ضمتهما، عملياً، لدولة اسرائيل. هذا على الرغم من ان الضفة الغربية، رسمياً ليست جزءاً من اسرائيل والقانون الساري بها هو القانون الاردني والعسكري. ونتيجة هذا الضم، نشات في الاراضي المحتلة سياسة الفصل المبني على التمييز، كما اكتسبت هذه السياسة وضعاً قانونياً. وفي هذا الاطار يوجد جهازان قضائيان منفصلان في نفس المنطقة، تحدد بموجبهما حقوق الفرد حسب انتمائه القومي. الحكم المحلي في المستوطنات يعمل على غرار الحكم المحلي داخل اسرائيل ويعمل بصورة مشابهة، ويتجاهل القانون الاردني الذي من المفروض ان يكون هو الساري في الضفة الغربية. هنالك 23 سلطة محلية يهودية في مناطق الضفة الغربية: ثلاث بلديات، 14 مجلس محلي وستة مجالس اقليمية، يقع تحت سلطتها 106 مستوطنة معترف بها كبلدن منفصلة. بالاضافة الى ذلك بنيت 12 مستوطنة في المناطق التي ضمت الى القدس عام 1967، وعلى هذه المستوطنات يسري القانون الاسرائيلي بشكل رسمي. مناطق النفوذ التابعة للسلطات المحلية اليهودية، تشمل بشكل عام مناطق واسعة عدا عن المناطق المبنية، هذه المناطق حسب الاوامر العسكرية معرّفة "منطقة عسكرية مغلقة". حيث الدخول اليها محظور على الفلسطينيين دون تصريح من القائد العسكري الاسرائيلي. في الوقت الذي يمنع دخول الفلسطنيين الى هذه المناطق، مواطنون اسرائيليون، يهود من انحاء العالم وحتى السياح يسمح لهم بالدخول دون الحاجة لتصريح خاص. تشجيع الهجرة للمستوطنات قامت حكومات اسرائيل، وما زالت هذه الايام باتباع سياسة منهجية مشجعة لهجرة المواطنين الاسرائيليين الى الضفة الغربية. من اجل ذلك، قامت هذه الحكومات بمنح مكافآت ومحفزات اقتصادية مباشرة للمواطنين او للسلطات المحلية اليهودية، ذلك من اجل رفع مستوى حياة هؤلاء المواطنين بغرض تشجيع الهجرة للمستوطنات. معظم المستوطنات، في الضفة الغربية، معرّفة كمناطق افضلية قومية (مناطق تطوير) "أ" او "ب". وهذا التعريف يضم المستوطنين، مواطنين اسرائيليين يعملون في المستوطنات او استثمروا بها، هؤلاء يتمتعون بمكافئات مالية كبيرة. ستة وزارات تقوم بمنح هذه المكافائات، وزارة الاسكان (قروض كبيرة لمشتري الشقق، جزءاً من القروض يتحول الى منحة)، مديرية ادارة اراضي الدولة (تخفيضاً كبيراً بأيجار الاراضي). وزارة التربية (محفزات للمعلمين، اعفاء من دفع قسط التعليم في رياض الاطفال وسفريات مجانية للمدارس)، وزارة الصناعة والتجارة (منح للمستثمرين، بنى تحتية لمناطق صناعية الخ ...). وزارة العمل والرفاه (محفزات للباحثين الاجتماعيين) ووزارة المالية (تخفيضات في ضريبة الدخل للافراد والشركات). تمنح وزارة الداخلية السلطات المحلية في الاراضي المحتلة منح كبيرة مقارنة مع تلك المعطاة للسلطات المحلية داخل اسرائيل. في عام 2000 كان معدل المنحة المعطاة للفرد الذي يسكن في مجلس محلي (يهودي) في الضفة الغربية، اكثر بحوالي %65 من المنحة المعطاة للفرد الذي يعيش ضمن اطار مجلس محلي داخل اسرئيل. وفي عام 2000، كان معدل المنحة المعطاة للفرد في مجلس اقليمي في الضفة الغربية اكثر بحوالي %165 من فرد في مجلس اقليمي داخل اسرائيل. توريد اموال عن طريق دائرة الاستيطان التابعة للمنظمة الصهيونية العالمية، تعد احدى الآليات التي تستعملها الحكومة للتفضيل السلطات المحلية اليهودية الموجودة في الضفة الغربية، مفضلةً اياها على السلطات المحلية داخل اسرائيل. على الرغم من ان مزانية دائرة الاستيطان مصدرها اصلاً من ميزانيات الدولة، لكونها مؤسسة غير حكومية، الا انها لا تخضع للقوانين والقواعد الملزمة لوزارات الحكومية في اسرائيل. اجهزة التخطيط تعد اجهزة التخطيط في الضفة الغربية، والتي تديرها الادارة المدنية (الية اقامها الحكم العسكري في الاراضي المحتلة). احدى الاجهزة البيروقراطية الاكثر تاثيراً للاحتلال الاسرائيلي. تعمل هذه الاجهز في مسارين منفصلين، كبقية الاجهزة البيروقراطية الاخرى، احدهما لليهود والاخرى للعرب. تعتبر اجهزة التخطيط هذه، المسؤولة الفعلية عن تغيير خارطة الضفة الغربية، حيث تقوم بالمصاد علىقة المخططات الهيكلية للمستوطنات وتصدر التراخيص المطلوبة لبناء مستوطنات جديدة، لتوسيع مستوطنات قائمة ولشق طرق التفافية. قامت اسرائيل بتشكيل مؤسسات التخطيط في الضفة الغربية، ونقل العديد من صلاحيات التخطيط للسلطات المحلية اليهودية، ومن هذه التغيرات تجريد مؤسسات التخطيط الفلسطينية من صلاحياتها. كما وتعمل أجهزة التخطيط جاهدةً من أجل الحد من تطور المدن والقرى الفلسطينية. وتقوم بهذا عن طريق رفض الطلبات التي يتقدم بها الفلسطينيون للحصول على رخص للبناء. في كثير من الأحيان يكون الرفض بحجة أنّ المخططات الهيكلية الا قليمية، والتي تمت الموافقة عليها في سنوات الأربعين (فترة الانتداب البريطاني)، لا تجيز البناء على هذه الاراضي. الاّ أن هذه المخططات الهيكلية لا تعبر عن احتياجات التطوير للفلسطينيين، وأجهزة التخطيط تتعمد عدم تحضير مخططات جديدة تتلاءم مع احتياجات الفلسطينيين. يجدر بالذكر، أنّ الادارة المدنية تقوم بهدم البيوت غير المرخصّة التي بناها فلسطينيون، مع العلم أنها بنيت على أراض بملكيتها خاصّة بهم. بعد التوقيع على الاتفاقية المرحلية في 1995، تسلّمت السلطة الفلسطينية صلاحيات التخطيط والبناء في مناطق "أ" و "ب"، والتي تشكل حوالي %40 من مساحة الضفة الغربية. على الرغم من أن الأغلبية العظمى للفلسطينيين تسكن في هاتين المنطقتين، الاّ أن الأراضي الشاغرة للبناء في عشرات القرى والبلدات الفلسطينية في أرجاء الضفة الغربية، موجودة في اطراف هذه البلدان والمعرّفة حسب الاتفاقيات كمنطقة "ج"، التي تقع تحت سيطرة عليها اجهزة التخطيط الاسرائيلية. تحليل لخريطة الضفة الغربية تحليل الخريطة من حيث الانتشار الجغرافي للمستوطنات وتأثيرها على السكان الفلسطينيين، يعتمد على تقسيم الضفة الى أربع مناطق؛ ثلاث قطاعات طولية (الممتدة من الشمال الى الجنوب) ومنطقة القدس، التي لها ميزات خاصّة. تم هذا التقسيم فقط للقيام بتحليل الخارطة حيث لا توجد بها أي أهمية قانونية بيروقراطية. في كل واحدة من هذه المناطق يجب التمييز بين ثلاثة أنواع من المناطق: المنطقة المبني عليها المستوطنة، المناطق التي تحيط بالمستوطنة والخاضعة للحدود البلديّة للمستوطنة، المناطق المعرفة كمناطق نفوذ المجالس الاقليمية وغير التابعة لمستوطنة معينة. يشمل القطاع الشرقي، غور الاردن وشاطئ البحر الميت. يسكن هذه المنطقة حوالي 5400 مستوطن، معظمهم في كيبوتسات وقرى صغيرة. باستثناء جيب اريحا، تقع بقية منطقة القطاع تحت نفوذ المجالس الاقليمية: عربوت هيردين و مجيلوت، والتي تضم أكثر من 1.2 مليون دونم. المساس بالفلسطينيين، نتيجة وجود المستوطنات على هذه الاراضي، تكمن بالأساس في تقليص امكانيات التطور الاقتصادي بشكل عام، والتطور الزراعي بشكل خاص. وذلكا نتيجةً لسلب الفلسطينيين وحرمانهم من مصدرين مهمين من أجل التطوير وهما: الارض والماء. يتواجد قطاع "ظهر الجبل" في قمم سلسلة الجبال التي تقطع الضفة الغربية. تم بناء معظم المستوطنات هذه بمبادرة منظمة جوش امونيم . يسكن في هذه المستوطنات حوالي 34000 مستوطن. ينتشر جزء من المستوطنات على شكل سلسلة، ممتدة على طول شارع رقم 60، حيث يعد هذا الشارع كمحور المواصلات الرئيسي الذي يصل شمال الضفة بجنوبها. لتأمين أمن المستوطنين في هذه المنطقة يقوم الجيش الاسرائيلي بفرض قيود صعبة مما يحد حرية التنقل للفلسطينيين على هذا المحور، الأمر الّذي يعرقل سير حياتهم الطبيعية لهم. بالأضافة لذلك، تمنع هذه المستوطنات، بعدّة طرق، التطور المدني للمدن الفلسطينية الكبيرة الموجودة على طول قطاع الجبل (الخليل، رام الله، نابلس وجنين). تمتد قطاع التلال الغربية من الشمال للجنوب على مساحة عرضها من 20-10 كم. قرب مستوطنات هذه المنطقة، الى الخط الاخضر ولمراكز المدن في اسرائيل، حوّلها لمناطق مفضلة من قبل الاسرائيليين. يسكن هذه المستوطنات حوالي 85000 مستوطن. تمس المستوطنات بامكانية التطوير المدني والاقتصادي للبلدان والقرى الفلسطينية، بسبب مصادرة الاراضي من حول هذه الاخيرة. بالاضافة لذلك ، وبعد تسلم السلطة الفلسطينية الصلاحيات ضمن اتفاقيات اوسلو، نتج عن هذه العملية اكثر من 50 جيب مصنفة مناطق "ب" وبعض الجيوب مصنفة مناطق "ا". تحاط هذه الجيوب من جميع الاتجاهات بمناطق "ج" التي بقيت تحت سيطرة اسرائيلية كاملة. فوجود المستوطنات يقطع اوصال الامتداد الاقليمي بين القرى، البلدات والمدن الفلسطينية الممتدة على طول هذا القطاع. يتضمن موتروبولين القدس، المستوطنات التي تم بناءها في المنطقة والتي اعلن ضمها الى مدينة القدس في الشارع الاسرائيلي هذه المستوطنات باتت تسمى بالاحياء وتضم ايضاً المسنوطنات التي تخضع لنفوذ القدس وضواحيها. يسكن هذه المستوطنات العدد الاكبر من المستوطنين، حوالي 248000 مستوطن. تاثير هذه المستوطنات على الفلسطينيين يختلف بالمناطق المختلفة للموتروبولين. بناء المستوطنات في شرق القدس كان تطلب مصادرة واسعة لاراضي فلسطينية ذات ملكية خاصة. فصلت مناطق نفوذ المستوطنات شرقي الموتروبولين (مثل معلي ادوميم) الضفة الغربية الى منطقتين، ومنعت التطور المدني لبيت لحم لوجود مستوطنات "غوش عتسيون" وفصلها ايضاً عن بقية البلدات الفلسطينية حولها. تم ضم حوالي 2 مليون دونم، استولت عليها اسرائيل خلال السنين عن طريق اعلانها اراضي دولة تحت نفوذ ستة مجالس اقليمية، لم يتم نقلها لمستوطنة معينة. جزء من هذه الاراضي، خاصة في غور الاردن، يفلحها المستوطنون او يتم استعمالها كمناطق تدريب للجيش الاسرائيلي. الا ان اغلبية هذه الاراضي اراضي خاليية وتعتبر مخزون احتياطي لتوسيع المستوطنات ولاقامة مناطق صناعية وسياحية جديدة. الخلاصة خلقت اسرائيل في الاراضي المحتلة نظام الفصل المبني على التمييز، حيث اقامت في نفس المنطقة جهازيين قضائيين منفصلين والتي فيها تحدد حقوق الانسان حسب انتمائه القومي، هذا النظام هو الوحيد من نوعه في العالم ويذكرنا بانظمة قائمة من الماضي كنظام التفرقة العنصرية (الابرتهايد) الذي ساد في جنوب افريقيا. تحت هذا النظام تم سلب الاف الدونمان من الفلسطينيين. هذه الاراضي المسلوبة استعملت لبناء عشرات المستوطنات في الضفة الغربية ولتوطين مئات الآف من المواطنين الاسرائيليين فيها. تمنع اسرائيل من الفلسطينيين جميعهم الدخول لهذه الاراضي واستعمالها، وتستغل وجود هذه المستوطنات لاعطاء الشرعية لسلسلة الانتهاكات التي تقوم بها ضد حقوق الفلسطينيون، من هذه الحقوق، حق السكن، حق المعيشة وحق حرية التنقل. التغيير المتطرف التي قامت به اسرائيل في خريطة الضفة الغربية، يمنع كل امكانية حقيقية لقيام دولة فلسطينية مستقلة ضمن حق تقرير المصير. يتمتع المستوطنين بالمقابل بجميع الحقوق المعطاة لمواطني اسرائيل داخل الخط الاخضر. وفي الكثير من الاحيان تعطى لهم حقوق اضافية. الجهود الجمه التي استثمرتها اسرائيل في "مشروع الاستيطان" سواء كانت مالية، قضائية او بيروقراطية، حوّلت المستوطنات لجيوب مدنية في مناطق واراضي خاضعة للحكم العسكري، وحولت المستوطنين لذوي مكانة مفضلة. ولتخليد هذا الوضع الذي من اساسه غير قانوني، تقوم اسرائيل بانتهاكات مرة تلو الاخرى لحقوق الانسان الفلسطيني. استعملت اسرائيل اساليب قضائية بالطريقة التي تتمشى ومصالحها مما يجعلها غطاء قانوني لتغطية مشروع الاستيطان. وقيام اسرائيل بالتمسك بالقانون الاردني في الحالات التي يخدم بها مصالحها واهدافها، متذرعة بالحجة ان عليها ان تتعامل بموجب القانون الاردني، لما ينصه القانون الدولي بالسير بموجب القانون القائم في الاراضي المحتلة قبل احتلالها. لكن في الحالات التي يتعارض فيها القانون الاردني مع المصالح والاهداف الاسرائيلية، فان اسرائيل لم تتردد من الغاء هذا القانون بنص قانوني عسكري وسن قوانين التي تتماشى ومصالحها. بفعل هذا، ضربت اسرائيل عرض الحائط الكثير من المواثيق الدولية التي وقعت عليها والتي اعدت لتقليص المساس وانتهاك حقوق الانسان وحماية السكان الذين يخضعون للاحتلال. نظراً لعدم شرعية المستوطنات والانتهاك المترتب عليها لحقوق الانسان، يطالب مركز بتسيلم حكومة اسرائيل باخلاء جميع المستوطنات. عملية الاخلاء هذه يجب ان تحترم حقوق الانسان للمستوطنين بما في ذلك حق التعويض. واضح ان اخلاء المستوطنات هي مهمة مركبة ومعقدة، واتمامها يستغرق وقتاً طويلاً. مع هذا هنالك خطوات مرحلية يجب القيام بها حالاً، لتقليص المس بحقوق الانسان وانتهاك القانون الدولي قدر الامكان. كما ويتطلب هذا من حكومات اسرائيل الكف عن عمليات بناء جديدة سواء كانت من اجل اقامة مستوطنات جديدة، او من اجل توسيع رقعة المستوطنات القائمة؛ تجميد شق طرق التفافية جديدة وتخطيط مثل هذه الطرق، بما في ذلك الكف عن مصادرة الاراضي لهذا الهدف؛ اعادة جميع الاراضي غير المبنية التابعة للقرى والمدن الفلسطينية التي ضمت للحدود المدنية للمستوطنات والمجالس الاقليمية؛ الغاء لجان التخطيط الخاصة بالمستوطنات، مما يؤدي عملياً الى اغاء صلاحيات السلطات المحلية بما يتعلق باعداد مخططات هيكلية وبشأن اصدار رخص بناء؛ الكف عن تشجيع مواطنين اسرائيليين بالانتقال للعيش في المستوطنات وتكريس موارد لحث المستوطنين للانتقال الى داخل اسرائيل. ----------------------- الرؤية الإسرائيلية لمستقبل المستوطنات يمكننا أن نقسم هذا التصور إلى قسمين رئيسيين: 1- الطرد الفلسطيني: مصادرة الأراضي وبناء المستوطنات عليها. 2- الإحلال الإسرائيلي: إسكان الإسرائيليين في هذه المستوطنات وخلق وجود ديمغرافي يؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على الوجود الفلسطيني الحالي والمستقبلي. وفي ضوء هذه الرؤية تم طرح مجموعة كبيرة من التصورات والمشاريع الاستيطانية: 1- مشروع ألون: يعتبر هذا المشروع الخطة الرسمية لحزب العمل، وهو يقضي بإقامة استيطان استراتيجي وسياسي على امتداد الأغوار والسفوح الشرقية لمرتفعات الضفة الغربية. ويحاول المشروع تجنب المناطق المأهولة وفقا لسياسة «أكبر مساحة من الأرض وأقل عدد من السكان». يضاف إلى ذلك الوصول إلى تسوية إقليمية مع الأردن تتيح إعادة قسم من الأراضي الفلسطينية المحتلة المأهولة بالسكان العرب ومحاصرتهم من جميع النواحي بإسرائيل مقابل اتفاقية سلام مع الأردن. ورأى ألون أن حدود إسرائيل الدائمة يجب أن تكون قابلة للدفاع من وجهة النظر الاستراتيجية التي تعتمد على عوائق طوبغرافية دائمة تستطيع أن تقاوم أي هجوم للجيوش البرية الحديثة وتكون حدوداً سياسية، لذا اقترح ضم أراضٍ بعمق 10 - 15 كم على طول وادي الأردن والبحر الميت ومنطقة غوش عتصيون ومنطقة اللطرون. 2- خطة غوش أمونيم (أسست كمنظمة رسمية عام 1974): تهدف الخطة إلى الاستيطان في المناطق التي تجنبتها المشاريع الاستيطانية، وذلك لسد الثغرة في المشاريع الأخرى وتحقيق الأهداف الأمنية التالية: - المحافظة على عمق البلاد من نهر الأردن وحتى السهل الساحلي. - السيطرة على سلسلة الجبال في الضفة الغربية. - شبكة واسعة من الطرق لربط المستوطنات. 3- خطة متتياهو دروبلس (يمثل جناح الليكود): تهدف الخطة إلى إسكان إسرائيلي مكثف وإقامة مستوطنات جديدة في الأماكن الاستراتيجية، ولكي لا تكون المستوطنات معزولة يجب إقامة مستوطنات جديدة قرب كل مستوطنة، وبهذا تتشكل كتل من المستوطنات تؤدي في النهاية إلى الاندماج وتشكيل مدن. ويهدف المشروع إلى إسكان مائة ألف يهودي عام 1986 ويصل عام 2010 إلى 800 ألف يهودي، ويطلق على هذا المشروع اسم المخطط الرئيسي للاستيطان في شمرون ويهودا. 4- مشروع شارون (رئيس اللجنة الوزارية العليا للاستيطان): يهدف المشروع إلى إقامة قطاع استيطاني لفصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها وتركيز الاستيطان في المناطق الغربية (السفوح الغربية) لدعم المناطق الساحلية، بالإضافة إلى مجموعة من المشاريع الاستيطانية داخل إسرائيل يكون توسعها باتجاه الشرق، ويكون توسع المستوطنات الشرقية باتجاه الغرب، لتشكل معاً كتلاً تقطع الخط الأخضر وتشكل بنجومه السبعة على طول الخط الأخضر بدءاً من الشمال (أم الفحم) وحتى الجنوب (منطقة اللطرون) خطاً حدودياً جديداً. وقد تم فعلاً إنجاز جزء كبير من هذا المخطط، لتبدأ مرحلة جديدة من مراحل الحل النهائي في التعديلات الحدودية المتوقعة. 5- مشروع يوسي ألفر (باحث في مركز يافا للدراسات الإسرائيلية): تقضي خطة يوسي ألفر بأن يتم تجميع المستوطنات والمستوطنين بدءاً من منطقة قلقيلية وحتى منطقة غوش عتصيون بشريط يصل أحياناً إلى 15 كم عمقاً (منطقة غرب نابلس ورام الله) بالإضافة إلى منطقة القدس. ويلاحظ هنا أن يوسي ألفر لم يأخذ بعين الاعتبار التجمعات السكنية العربية الموجودة في هذا الشريط، على اعتبار أن مشروعه في الأصل كان إحداث تبادل سكاني أي إحلال مستوطنين مكان فلسطينيي عام 1948. وعندما نوقش في هذا الموضوع لم يستطع أن يعطي جواباً بما سوف يحدث للفلسطينيين الذين سينضمون إلى إسرائيل، علماً بأن السياسة الإسرائيلية لا تسمح بزيادة الكثافة العربية داخل حدودها. 6- مشروع حزب الطريق الثالث: يهدف هذا المشروع إلى حصر التجمعات العربية في كتل مفصولة عن بعضها البعض، مع وضع مناطق الغور واللطرون والقدسوجنوب غربي نابلس وجنين -بالإضافة إلى مناطق عازلة على طول الحدود للقرى الفلسطينية الواقعة على الخط الأخضر- تحت السيطرة الإسرائيلية. وأما بالنسبة للسكان الذين سوف ينضمون إلى إسرائيل فإنهم سيصبحون تحت السيادة الإسرائيلية (رخص البناء والحياة اليومية)، أما الهوية فإنهم سيبقون فلسطينيين يرشحون ويترشحون للمجلس الفلسطيني. وهنا طرحت هوية سكان مقيمين وليسوا مواطنين كما هو حاصل بالنسبة لفلسطينيي القدس. ويهدف المشروع إلى التخلص من السكان العرب وعدم إعطائهم الجنسية الإسرائيلية لكي لا تصبح الدولة اليهودية مع الزمن مزدوجة القومية. 7- مجموعة Ozevshalom (اليهود الأرثوذكس والمستوطنون): تقضي خطة هذه المجموعة بضم 6% من الأراضي العربية بدون سكان بدءاً من الشمال إلى الجنوب، بحيث تشكل المستوطنات كتلاً تصل بينها طرق. 8- مشروع نتنياهو + مشروع ألون المعدل: أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 21/3/1997 عن خطة تتلخص نقاطها العامة فيما يلي: - إعطاء الفلسطينيين 45 - 50% من أراضي «يهودا والسامرة» من غير أن يمس ذلك بالمناطق «الحيوية المهمة»، ومناطق الغور وغوش عتصيون والقدس الكبرى وقطاع خط التماس وأغلبية المستوطنات (حسب خريطة المصالح الأمنية التي قدمها الجيش للحكومة). - تفكيك جزء من المستوطنات التي هي نقاط بعيدة ونائية والتي يحولها بقاؤها إلى جيوب داخل السلطة الفلسطينية. - عدم التنازل عن السيادة الكاملة بالقدس. 9- خطة الخطوط الحمراء ( يهود هرئيل): وتتضمن الأفكار التالية: - الفصل بين المستوطنين اليهود والسكان الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة. - انسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق التي يكون فيها أغلبية السكان من الفلسطينيين. - مناطق القدس الكبرى ومستوطنات غوش عتصيون وغور الأردن ومستوطنات غوش قطيف في قطاع غزة، تضم كليا إلى السيادة الإسرائيلية. - بقاء غالبية المستوطنات الأخرى تحت سيطرة إسرائيلية كاملة. 10- خطة قيادة المنطقة الوسطى للعمل الدائم: تم التخطيط لهذه الخطة وفق التصور المطلوب للحدود النهائية لإسرائيل، وتم تقسيم الضفة الغربية إلى مجموعة من الألوان: - اللون الأخضر: مناطق مطلوبة لأسباب أمنية، وتمتد على طول الخط الأخضر ومنطقة الغور، ومسألة السيادة ستبقى مفتوحة. - اللون الأزرق: كتل استيطانية يهودية في منطقة الحكم الذاتي (كريات أربع، بيت حجاي، منطقة جبل الخليل). وهكذا فإن المواقف والتصورات والحلول المطروحة من متخذي القرار في إسرائيل بشأن مستقبل المستوطنات تصب جميعها باتجاه واحد، وثمة إجماع على أن المستوطنات الإسرائيلية تشكل موردا استراتيجيا يجب استمرار وجوده وتوسيعه، كما أن الطرح الذي سوقه بيريز، وهو أنه لو أقيمت الدولة الفلسطينية فلا مانع في أن تبقى فيها أقلية يهودية من المستوطنين كما هو الحال بوجود عرب مواطنين فلسطينيين داخل دولة إسرائيل، وهذا يعني أنه على الرغم من الفارق الشاسع بين الأقليتين من حيث أسباب الوجود والتكوين، فإن بيريز نفسه الذي يسعى لدمج حل وظيفي وحل إقليمي مع الفلسطينيين لا يطرح فكرة تفكيك أي مستوطنة. وبهذا مهما يكن الحل أو الترتيب السياسي المستقبلي مع الفلسطينيين وظيفيا أم إقليميا، على منهج ألون/ رابين أم على منهج ديان/ شارون أم على منهج بيريز الذي يسعى لحل إقليمي بشأن قطاع غزة ولحل وظيفي في الضفة الغربية، فإن المستوطنات الإسرائيلية ستبقى كلها أو بعضها، وذلك يشمل المستوطنات السياسية والأمنية حسب المفهوم الذي وضعه رابين كي يحظى بالدعم الأميركي سنة 1992، مما يعني أن الطريق نحو السلام قد يكون مسدودا في المنطقة