عندما يمرّ أمامنا مصطلح «الصالح العام» أو «المصلحة العامة» ونحوها، قد يطرأ على بالنا قرارٌ رسمي موضوعه المنع في جهة ما.. سيدور حوله لغط وكلام بين المعنيّين به، أو مجرّد مصطلحٍ آخر قد تحتاج إلى حفظ تعريفه يومًا ما في دراستك، ومن ثمّ يكون «رجيعًا» في ورقة الاختبار، وفي كل الأحوال لن نحسّ حين نقرأ هذا المصطلح إلا بالرسمية والجفاف.. ورائحة الكتب المدرسية. لكن هل فكرّنا أن هذا المصطلح قد يقوم بتغيير تعاملاتنا وحياتنا وأخلاقياتنا لو فكرنا بأهميته ومدى تأثيره الإيجابي في يومنا وليلتنا لو تواضعنا قليلًا وغضضنا الطرف عن لفظه لنتعمق بمعناه في مواقف السيارات وطابور المطاعم وطريق السفر، بل وحتى في الصحراء والمتنزهات.. ؟ هذا المصطلح لا يتعلق بمعاني الإيثار على النفس، ولكنه –في ذات الوقت- ينهاك عن الأنانية لتحقيق الصالح العام للمجتمع والبيئة وأخلاقك كشخص متحضّر وقدوة لمن هم حولك.. إن رغبت. لو استحضرنا أهمية الصالح العام لما أوقفنا سياراتنا في أماكن تسبب الازدحام وتضييق الطريق أمام خلق الله –تعالى- لحاجة نزعم أنها عاجلة من السوق أو حتى أمام المنزل، ولما ألقينا النفايات في الصحراء لكونها صحراء، أو في المتنزهات لأن هناك عاملًا خاصًّا بالتنظيف، أو في طريق السفر لأن رقابة الناس غائبة عنك، ولما أهملنا نظام الطابور في المطاعم ونحوها، ولقمنا بترتيب مكاتبنا، بل.. لو استحضرنا أهمية هذا الأمر لحافظنا على نظافة ملبسنا وسياراتنا وأماكن العمل.. ونحو ذلك مما يخصّنا في النهاية لكنه -مع ذلك- يحفظ حقّ حواسّ الغير، فلا يرون منك ولا يسمعون إلا الطيب والنظيف والجميل والأخلاقي، وفي هذا الأمر رفعة لك وأسوة لهم ودافعٌ ليكونوا مثلك. المصلحة العامة مصلحة أخلاقية في الأساس، لذلك هي تقوم على ثلاثة مبادئ –كما في الدراسات الخاصة بها- اثنان منها تتعلقان بالجانب المعنوي والإنساني.. وكمالُكَ كفردٍ في المجتمع، ولن يكون هذا إلا برقيّ الأخلاق الإنسانية في أنفسنا وتعاملنا مع الغير والبيئة. هي في النهاية تكاليف وواجبات تحتاج إلى البذل والتمرين مع الصبر والمجاهدة لنعتاد عليها حتى تخالط تصرفاتنا وأخلاقنا. راكان الحمود-جدة