لا يكاد يمر يوم تشرق فيه الشمس على ربوع الوطن دون أن يقدم خادم الحرمين الشريفين مبادرة جديدة في إطار تلك السلسلة الطويلة من العطاء الجميل الذي مثل الملمح الرئيس لمملكة الإنسانية منذ توليه – حفظه الله – مسؤولية الحكم، وهو ما اتضح من خلال مبادراته الخيرة ولفتاته الكريمة التي تركز على نهجه في تكريس جهوده في خدمة الدين والوطن والأمة والإنسانية جمعاء، والعمل على تحقيق التكافل بين المسلمين، ومد أواصر التعاون والتكاتف بينهم، وتكريس قيم الوسطية والاعتدال والإصلاح والحوار ونبذ العنف والغلو والإرهاب، وذلك ضمن رسالة الإسلام الخالدة التي تسعى إلى نشر السلام والوئام بين شعوب الأرض وتعزيز القيم والأخلاق والحد من الفرقة والخصام. لذا لم يكن إعلان الرياض أمس الأول عن إنشاء مؤسسة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود العالمية للأعمال الخيرية والإنسانية مفاجئًا لأحد بعد أن ترسخت صورة الوطن أمام العالم كله كمملكة للإنسانية ما كان لها لتبلغ هذه المكانة العالمية المتميزة إلا من خلال هذا الفيض من عطائها الإنساني السخي الذي لم يقتصر على مواطنيها وأمتها، وإنما امتدت رقعته لتشمل العالم كله من خلال تقديم المساعدات المالية والعينية وقوافل الإغاثة الطبية والغذائية لكافة الدول التي تتعرض للكوارث والمحن. إن نظرة شاملة لخطط هذه المؤسسة الرائدة في أهدافها بدءًا من بناء المساجد والمراكز الإسلامية والعناية بأحوال المسلمين في أنحاء العالم وليس نهاية بتعزيز قيم الحوار بين أتباع الحضارات والديانات ونشر معاني الوسطية والاعتدال والتسامح والسلام مرورًا بمكافحة الجريمة بجميع أشكالها، والتعاون مع الهيئات والمنظمات والجامعات ونحوها في الداخل والخارج، وتخصيص الكراسي العلمية والبحثية، وتقديم المساعدات والمنح للباحثين والدارسين للاستزادة من ألوان المعرفة والثقافة وتشجيع أعمال الترجمة ونشر الكتب ذات الصلة بأغراض المؤسسة وتوزيعها، كل ذلك يجعل من تلك المؤسسة مشروعًا إنسانيًا متكاملاً لخدمة الإنسانية جمعاء والتخفيف من حدة التوترات والنزاعات التي تكتنف عالمنا المعاصر، وبما يعطي سمة جديدة بارزة لمعنى ومفهوم وأهداف الجمعيات الخيرية ويسهم في إطلاع العالم كله على الصورة الحقيقية للدين الإسلامي الحنيف.