أختم هذه السلسلة - كما وعدت - بطرائف حدثت لي مع بعض الأئمة. ويعلم القارئ أننا نلاقي في المساجد أئمة مبرزين فنسعد بهم، وآخرين لا تليق إمامتهم. ونلاقي السهل الرحيم بالمأمومين، والصعب الشديد عليهم. ونلاقي من تود لو يطيل القراءة ولا يختم الصلاة، ومن تود لو أنك في مسجد آخر. وجزى الله من أحسن الإمامة وأجادها، وهدى من عابها وأنقصها. * سمعت منذ سنوات عن خطيب جمعة شهير في جدة، فذهبت لمسجده. فكانت الخطبة الأولى في خمس وأربعين دقيقة، والثانية في نصف ساعة. ولمّا وقفنا للصلاة، قال: استووا.. اعتدلوا.. انتبهوا لمحافظكم فقد علمنا أن في المسجد كثيراً من اللصوص. فلم أصلّ في ذلك المسجد بعدها أبداً، لطول الخطبتين، وخشية اللصوص. * تبرّعت مرة للتدريس في حلقات تحفيظ القرآن بمسجد الحي. وكان هناك شاب يدافع الناس دائماً ليؤمهم عندما يغيب الإمام. فكان في حلقتي. فسألته في أول يوم إلى أي سورة وصل حفظك؟ فأجاب: من سورة الناس إلى والشمس وضحاها! *اعتدت قديماً الذهاب إلى مسجد به إمام جيد، إلا أنه كثير الغياب. فكان يؤمنا حينها المؤذن - كعادة معظم المساجد للأسف - وكان غير عربي. فقرأ مرة: والطين والزيطون. فعلَّمناه، فقرأ في مرة أخرى: والتين والزيطون. فعلّمناه، فقرأ في الثالثة: والطين والزيتون. فتحاشيت بعدها ذلك المسجد. * قرأ - في العشاء - أحد الأئمة كبار السن آية النور، وكان خطيباً مفوها وذا صوت جهوري، فختمها ب «والله على كل شيء قدير»، ففتحتُ عليه، فكررها، فخشيت عدم سمعه، فرفع صوته ناهراً بنفس الخطأ. فلما فرغنا قال: من صححني؟ فصمتُّ مع الناس، فقال: نعم تمام الآية «والله بكل شيء عليم». وأستغفر الله لإصراري. *أمّنا أخ مصري، فأخطأ، ففتحت عليه. فالتفت نصف التفاتة، وتفاجأت بقوله: إيه؟ فخشيت الضحك، فسكتُّ. فكررها ثانية بصيغة مطوّلة: إييييه؟ فلم أستطع النطق.