جاء تأكيد إمام المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن حميد بأن الدعوة إلى حرق نسخ من القرآن الكريم هي صورة من صور الإرهاب والتشجيع عليه والتهيئة لأجوائه، ناطقا بما في قلوب كثير من المسلمين في مختلف أرجاء الأرض. فتصرف مثل هذا لا يمكن فهمه إلا في داخل إطار الإرهاب وتغذية التطرف وزيادة شقة الخلاف بين الشعوب وأتباع الديانات ورفض احترام الآخر ومعتقده ومقدسه، وهذه وبوضوح هي أهداف الفئات الإرهابية التي تسعى بأعمالها إلى نشر الكراهية والرفض والخوف بين شعوب الأرض. وليس من الغريب أن تصدر هذه الدعوة الإرهابية من قس مسيحي، فالإرهاب لا دين ولا أرض له بل هو موجود دائما في كل مكان وسبيل مواجهته الوحيدة هو في إسكات هذه الأصوات الإرهابية وعدم السماح لها بأن تكون صاحبة الصوت الأعلى والمؤثر في العلاقات بين الشعوب. وأيضا أصاب الشيخ بن حميد كبد الحقيقة عندما قال إنه من العار أن يعد تصرف مثل حرق المصاحف من الحرية أو حرية التعبير بينما هو اعتداء على الإسلام وأهله في حريتهم الدينية وإساءة واضحة فاضحة لديننا ومقدساتنا وشعائرنا ومشاعر الأمة الإسلامية. فحرية التعبير لم تكن يوما الإساءة للآخرين ومقدساتهم ومعتقداتهم، بل هي قمع لحرية التعبير ومنع لأتباع الديانات الأخرى من ممارسة شعائرهم بأمن و أمان واحترام، مناقضة بذلك مبادئ الحرية التي يدعي البعض أنها مبرر للسماح بمثل هذه التصرفات. فالحرية إن كانت تتوقف عند حدود حريات الآخرين فهي بالتأكيد تتوقف تماما عند مقدساتهم ومعقداتهم ودياناتهم، بل عن التعدي على الآخرين وأديانهم دون سبب يعد أحد أوضح أشكال إرهاب الآخر ومهاجمة الأبرياء. بقي فقط أن يقف العالم بوضوح وبمختلف أطيافه ضد هذا التصرف، حرصا على استمرار الوئام بين الشعوب، ومنعا لمواجهات غير مرغوبة لدى أي طرف، وكي لا يوفر حججا للمنادين بالحروب والدمار لتغذية أفكارهم المريضة والمنبوذة، والأهم من ذلك كله ان يكون الدافع الأساسي للرفض الاحترام الحقيقي لمعتقدات الآخرين.