* في حمّى الانتخابات الأمريكية بين الديموقراطيين والجمهوريين كنتُ كتبتُ مقالات عدّة أحدها (جزمي القاطع) بعدم إمكانية وصول المرشح حينها باراك أوباما لرئاسة الولاياتالمتحدةالأمريكية، مستندًا في ذلك على أمور عدة منها معرفتي العلمية بقوة مراكز القوى داخل أمريكا خاصة المؤسسة العسكرية، واليمين المتطرف، والذين لن يرضوا بوصول رجل من غير الانجلوساكسون. * صحيح أن جزمي لم يتحقق، وصحيح أن آراء البعض من إخوتنا وزملائنا الكتاب الذين عارضوني كانت صائبة، ولكن ما هو أصح أن أولئك الذين رموني بكل التُّهم إلى حد التشكيك في قدراتي المعرفية وقدمها وعدم فهمي لما يدور في أروقة السياسة الأمريكية ثبت لهم اليوم أن وصول شخص أيًّا كان إلى كرسي الرئاسة الأمريكية له مواصفات يجب أن تتوافق مع متطلبات المؤسسة العسكرية واليمين المتطرف واللوبي الصهيوني. * فإن تمكن باراك أوباما لأسباب الوصول إلى كرسي الرئاسة كما حدث، فإنه لن يكون (حرًا) أبدًا ، أو بعيدًا مطلقًا عن دائرة كل هذه الدوائر المؤثرة. وإن حدث وأن أُجبرت هذه الدوائر على الرضوخ للرؤية والتوجهات الشعبية إبان حملة الانتخابات فلن تقبل بأي حال من الأحوال أن يخرج الرئيس في سياساته عما تريده وترسمه تلك الدوائر، وإلاّ ربما يكون مصيره غامضًا كما حدث مع جون كنيدي، وكما حدث مع ابراهام لينكولن، وكما حدث مع ريتشارد نيكسون وهؤلاء الثلاثة من أعظم وأفضل الرؤساء الأمريكيين كاريزما وأداء ودهاء سياسيًّا. * معظم أمة العرب والأمة الإسلامية هلّلت، وكبّرت، وزغردت وأقامت الأفراح والليالي الملاح بوصول السيد باراك أوباما إلى حكم أمريكا، وتفنن كثيرون في الإشارة إلى والده وجدّه المسلمين، وحياته في بيئات إسلامية في إندونيسيا خاصة، وأن كل ذلك سوف ينعكس على أداء الحكومة الأمريكية في سياساتها تجاه العالمين العربي والإسلامي، ونظرتها نحو القضايا العربية والإسلامية سواء في المنطقة العربية كقضية فلسطين، واحتلال العراق، أو في العالم كما في أفغانستان. * وكانت الآمال العربية والإسلامية تزداد ضخامة وتفاؤلًا مع بعض تصريحات الرئيس أوباما، خاصة خطابه الشهير في قلب الأمة العربية من جامعة القاهرة، والموجه للعالم الإسلامي حتى حسبت أن هذه الآمال ستدخله الإسلام، ويصبح أول رئيس مسلم لأمريكا!! ولكن اتّضح مع تطور الأحداث وتكشّف وقائعها أن من يدير الولاياتالمتحدةالأمريكية سياسة لا يستطيع أي رئيس أن يغيّر جوهرها حتى وإن كان ينادي، ويؤمن بمبادئ وقيم تتعارض مع تلك السياسة. وأن هذه السياسة لم ترسمها أية دوائر سوى المؤسسة العسكرية واليمين المتطرف واللوبي الصهيوني. * التذبذبات الأخيرة في تصريحات الرئيس أوباما تثبت ذلك خاصة المتعلقة بنا نحن كعرب، القضية الفلسطينية، واحتلال العراق، أو كمسلمين الحرب في أفغانستان، والتدخل الأمريكي السافر في أكثر من مكان. وما قاله الزميل الدكتور عبدالعزيز الصويغ من وصف في إحدى مقالاته من أن «أوباما رايح جاي» هو أدق وصف لحالة الإدارة الأمريكية الحالية، وليت أحباءنا من الكتّاب إيّاهم يرشدون، وتكون الحقيقة الصادقة والمجردة هي مبتغاهم ولا شيء غيرها. فاكس: 6718388 – جدة[email protected]