لا أعرف سببًا للقرار الذي أصدره مدير شرطة حائل العميد يحيي بن مساعد البلادي المتضمن إحالة جميع الأفراد الذين يشفعون لأقاربهم ومعارفهم لديه إلى التحقيق والمحاكمة، وسد الطريق أمام أي متشفع يأتيه متوسطًا في أي قضية منظورة لدى الشرطة، وفي رأيي فإن الشفاعة جائزة طالما أنها لا تدعو إلى تحويل الحق إلى باطل أو العكس، ولا أعتقد أن مدير الشرطة يقف حائلًا دون (الوساطة في الخير) والتي يسعى الخيرون فيها إلى إطلاق سراح المساجين وفك أسرهم من قيد الإصلاحيات إلى فضاء الحريات بالطرق السليمة التي لا تضر بآخرين أو تصادر حقوقهم. ويعلم سعادة العميد وهو ابن هذه البلاد الطاهرة يعلم جيدًا تركيبة مجتمعنا المتمسك بنصرة الأخ “ظالمًا أو مظلومًا”، ويعي جيدًا تفسير هذه المقولة التي قالها “سيد البشر”.. إذ لا يمكن أن يقف الأقرباء أو الأصدقاء أو الجيران موقف المتفرج وهم يرون من يعز عليهم ( موقوفًا )، بل يبادرون إلى مساعدته قدر استطاعتهم في حدود النظام، ولعلني أجزم بأن أولئك من “أصحاب الفزعة” لا يسعون في شفاعة لسارق، أو قاتل، أو مجرم، أو مهرب، أو مروج، لعلمهم بفظاعة الجرم وخساسة الفعل، ولكنهم يسعون متشفعين لما دون ذلك من أفعال كالمشاجرات، والعجز عن تسديد الديون، ومشكلات الإيجارات وما شابهها من حقوق.. وكان الأجدر بنا أن نشجع مثل هذه المساعي الحميدة التي تقفل ملفات مثل هذه القضايا وتخفف من الثقل الذي يعاني منه رجال الأمن من خلال تكدس القضايا، فهناك من الشكاوى ما هو تافه، إلا أن مهمة رجل الأمن تقتضي منه قبولها، ومن هنا يأتي دور سعاة الخير في إخماد مثل هذه القضايا، وليتسع لي صدر أخي العميد (يحيي البلادي) فاسأله في هذا الشهر الكريم العظيم الذي يتقبل الله فيه دعوات وتوبة عباده أن يفتح بابه على مصراعيه (لوسطاء الخير) ويتيح لهم السعي بين الأطراف المتنازعة بغية التقريب بين وجهات النظر وحل المشكلات، فما الذي يمنع من أن يقوم شخص بفك أسر (مدين) مغرم في سيارة أو إيجار بيت أو لقرضة حسنة؟!. وكما أسلفت لن يأتي أحد متشفعًا في شخص متعد على حد من حدود الله، أو عابث بالأمن، أو مفسد في الأرض. إنني أقرأ هذا القرار على أنه قرار مربوط (بحالة)، أو قرار (سببي)، ولذلك ما كان يستوجب التعميم، هكذا أراه.. لكن إن أصر سعادة العميد فما أمامي إلا أن أقول له: (حاضر ياأفندم)!. [email protected]