والغرض من التغني بالقرآن هو من أجل تحسين الصوت وتجميله -من غير تكلف- حتى يكون مؤثرًا على التالي للقرآن وعلى السامع، ومعينًا على استحضار القلب وفهم المعاني، والتدبر والخشوع. ولقد همّ أحد كبار الملحنين المصريين -في ستينيات القرن الميلادي الماضي - بتلحين القرآن العظيم، فقامت في وجهه معارضة شديدة من العلماء ومن عامة الناس، فعدل عن ذلك ولله الحمد. والقرآن العظيم فيه من العذوبة الذاتية ما يجعله مرنًا وفي متناول من يحاول تحسين الصوت والتلاوة. وهذا ما يجعله يتنقل بسهولة في المقامات اللحنية، وفي تلاوة الناس غير المتكلفة وغير الخبيرة بالأنغام والمقامات. فلو أن شخصًا من مكةالمكرمة أو المدينةالمنورة أمّ قومًا لتلا من غير أن يتعمد أو يدري من مقام الحجاز بتفريعاته المختلفة. ولو قرأ شخص آخر من الرياض أو القصيم، لقرأ من ألحان تراثه أو الحداء أو أنغام الربابة. وكمثال: من ينسى أذان الشيخ ابن ماجد -رحمه الله - الذي كانت تنقله الإذاعة من الجامع الكبير بالرياض، فتسمعه وتحسبه ربابة صادحة. وكذلك تنطبق الحال على المناطق الأخرى في الجزيرة العربية وكذلك في البلدان الإسلامية. ولقد كان من حظي أن صليت خلف نفر من كبار الأئمة والقراء. وكان أول التلذذ بصلاة التراويح، خلف الشيخ عبدالعزيز بن صالح والشيخ عبدالمجيد حسن -رحمهما الله - بالمسجد النبوي، أيام دراستي للمرحلة المتوسطة بالمدينة. لقد كان الشيخان يقسمان التراويح في كل ليلة بينهما. وكان الشيخ بن صالح ذا صوت جميل مؤثر، وقراءة أجادها على يد شيخ القراء بالمدينةالمنورة -حينها- الشيخ حسن الشاعر. ولقد كان يتحفنا الشيخ عبدالعزيز بثلاثة أشياء في رمضان: ختمتين في الشهر الفضيل، وخطبة ليلة السابع والعشرين في الروضة الشريفة، ودعاء الختم ليلة التاسع والعشرين. ثم يتحفنا بعد ذلك بقراءة سورة الرحمن في صلاة فجر يوم العيد. وللحديث بقية.