* لم يكن توني بلير معروفًا داخل حزبه (العمال) فضلاً عن خارجه إلاّ بعد الوفاة المفاجئة لزعيم الحزب جون سميث John-Smith سنة 1994م. كان سميث هو مَن قام بإصلاح كوادر الحزب بعد أن ظل في الشتات لمدة تزيد عن عقد من الزمن 1979-1992م، مع أن سميث لم يمضِ سوى عامين كزعيم للمعارضة 1992-1994م، لقد وجد بلير الجواد مهيّأً للانطلاق. ولقد اختار النموذج التاتشري المعروف بصرامته الرأسمالية -آنذاك-، وكانت تاتشر ترى فيه خليفة لإرثها الفكري، وخصوصًا لما بات يُعرف منذ مطلع الثمانينيات الميلادية بالقيم اليهودية المسيحية المشتركة. * وإذا كانت تاتشر وجدت في الرئيس الأمريكي -آنذاك- رونالد ريغان حليفًا لها في تسويق هذا المصطلح، والذي كان وراء ما عُرف لاحقًا عند جورج بوش الابن بمصطلح (المحافظون الجدد)، فإن بلير سرعان ما سار في ركاب بوش؛ ولأنه لم تكن له الشخصية القوية التي تتمتع بها “تاتشر” فلقد أضحى مجرد مبعوث شخصي عند بوش، وخصوصًا بعد أحداث 11 سبتمبر. * دخل بيلر الحرب مع بوش في أفغانستان، ولاحقًا في العراق، وكشف أخيرًا السكرتير الأول المسؤول عن شؤون الشرق الأوسط في البعثة البريطانية لدى الأممالمتحدة Carne-Ross أمام اللجنة المشكّلة للبحث في حيثيات الغزو الأمريكي - البريطاني للعراق، والمعروفة باسم Chilcot-Inquiry.. كشف هذا المسؤول أن بلير كذب على شعبه بداية بأن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين يملك أسلحة دمار شامل، وهو ما سرّبه -آنذاك- الخبير النووي في وزارة الدفاع البريطانية (ديفيد كيلي) لقناة بي. بي. سي، وبعد مدة يسيرة وُجد كيلي مقتولاً في إحدى الغابات الريفية، وأُشيع -عندئذٍ- أن كيلي انتحر بنفسه، ولكن الجديد في هذا الشأن هو الرسالة التي كتبها ما يقرب من 13 صحافيًّا بريطانيًّا. والتي تطالب بفتح تحقيق في مقتل “كيلي”، وكأنها تشير أن مسألة انتحاره ليست صحيحة، وأن الخبير كان بصدد إخراج كتاب يفضح أسرارًا كثيرة حول تورّط بلير وحكومته في الحرب على العراق، متوسلة الكذب طريقًا لتحقيق ذلك الغزو الذي عانى منه الشعب العراقي كمعاناته من حكم صدام، وربما أسوأ، والسؤال الذي يطرح نفسه: كيف يظل بلير عضوًا في اللجنة الرباعية، وهو شخص كاذب؟