أكد وزير الصحة د. عبدالله الربيعة أن الأخطاء الطبية في المملكة من أقل المعدلات في العالم، داعيًا إلى التفريق بين الخطأ والمضاعفات الطبية. وأوضح في حوار خاص “المدينة” أن وزارته لم تنفق مليارات لمكافحة أنفلونزا الخنازير، وأنها بحاجة ماسة إلى أكثر من نائب للوزير لطبيعتها الخدمية مشيرًا الى أن بدلات الندرة والتميز ما زالت قيد الدراسة. واشار إلى ضبط 1350 ممارسًا صحيًا بشهادات طبية مزورة خلال السنوات القليلة الماضية مشيرا الى أن الاجراءات التي اتخذتها هيئة التخصصات الصحية مؤخرًا ستساهم بفعالية في الحد من قدوم الممارسين المزورين للعمل في المملكة. واوضح أن نقص الدواء في بعض الاحيان خارج عن ارادة الوزارة مؤكدًا أنه يجرى حاليًا تنفيذ 138 مشروعًا في مختلف المناطق. وفيما يلي نص الحوار: * هل يمكن تسليط الضوء على أبرز المشروعات الجاري العمل على تنفيذها حاليا؟ ** تقوم الوزارة حاليًا بتنفيذ وطرح (138) مشروعًا لمرافق صحية تشمل مستشفيات تخصصية، عامة، صحة نفسية، ولادة وأطفال، مختبر صحي وطني، برج طبي، مركز سكر، مركز طب أسنان، مختبر إقليمي وبنك دم، وبسعات مختلفة تتناسب واحتياجات كل منطقة. وبلغ عدد المشروعات المنفذة بنسبة 100% (12) مشروعًا لمستشفيات تتراوح سعتها السريرية ما بين (50 و500) سرير موزعة على مختلف المناطق وتم تشغيل بعضها وجارٍ تسليم البعض الآخر، ومن المشروعات التي تم افتتاحها مدينة الملك عبدالله الطبية بمكة المكرمة ومستشفى الولادة والأطفال بالدمام ومستشفيات في طبرجل والدوادمي ووادي الدواسر ومحايل عسير. * الكثير من مناطق المملكة لا تتوفر بها الخدمات العلاجية بمستوياتها المختلفة.. ما خطة وزارة الصحة في هذا الإطار؟ ** تتعدد صور وطرق تقديم الخدمات العلاجية في اكثر من مستوى بحسب الحاجة اليها وتبدأ بمراكز الرعاية الاولية ثم المستشفيات العامة وفي قمة الهرم المستشفيات التخصصية وهى تتطلب تجهيزات فنية وبشرية عالية الكلفة على المستوى العالمي ويتم إنشاؤها في المدن الكبيرة واحالة المرضى اليها من المستويات الاقل تصنيفًا ولهذه الأسباب يصعب توفير هذه الخدمات في المناطق كافة وتعتمد خطة الوزارة على تكامل الخدمات التخصصية وتوزيعها بحيث يسهل على المواطنين الحصول عليها دون أن يتكبدوا مشقة وعناء التنقل، وتمثل مشروعات المدن الطبية حجر الزاوية في تقديم هذا المستوى من الخدمات الصحية. * المركزية تؤدي دائمًا إلى تعقيد سير العمل، هل هناك نية لتخصيص ميزانيات مستقلة لكل مديرية؟ ** تنص المادة السابعة من النظام الصحي الصادر في 1423ه بأن تعطى كل مديرية الصلاحيات الإدارية والمالية التي تمكنها من تأدية المهام المناطة بها بطريقة فعالة وتراعي الوزارة ضمن ميزانيتها الاحتياجات الخاصة بكل منطقة بحسب المرافق الصحية المتوفرة فيها وعدد سكانها ويخصص لكل مستشفى الاعتمادات التي يحتاجها. وقد أصدرت الوزارة العديد من القرارات التنفيذية لتحديد اختصاص مديريات الشؤون الصحية وصلاحياتها المالية والإدارية مما يحقق لها السلطة الكافية والمرونة اللازمة لتسيير أعمالها. * بدل (الندرة) و(التميز) تم إقرارها من مجلس الوزراء، لمن ستعطى هذه البدلات وهل ستتم المساواة بين من يعمل في منطقة كبيرة وأخرى نائية؟ ** لا يزال الموضوع تحت الدراسة من قبل الوزارات ذات العلاقة، حيث يحظى باهتمام ومتابعة من الجميع. ونأمل أن يصدر قريبًا. * هناك ممارسون صحيون يحصلون على وظائف استشارية أو مراتب عليا في مناطق نائية ومن ثم يعودون بالتكليف إلى مناطقهم الرئيسية.. مما يحرم السكان في هذه المناطق النائية من أصحاب التخصصات المهمة.. فهل هناك نية لإيقاف هذه الهجرة؟ ** أود أن أؤكد لكم ولكل القراء الأعزاء أن الذين تتم ترقيتهم على الوظائف المشمولة بلائحة الوظائف الصحية يباشرون مهام الوظائف بمقرها وأنه لا يمكن نقلهم أو تكليفهم قبل انتهاء المدة النظامية. ضوابط الوظائف الفنية * قررتم إيقاف القبول للوظائف الفنية دون مستوى البكالوريوس.. لماذا هذا القرار؟ ** تهدف الوزارة من مثل هذه القرارات إلى رفع مستوى الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين والمقيمين، إذ إن التأهيل العالي للمتقدمين يسهم في تقديم الخدمات الصحية المتميزة والحد من الأخطاء الطبية، علمًا بأن الدول المتقدمة بدأت تطبيق هذا النظام منذ سنوات طويلة. * المستشفيات الطرفية المتقاربة من بعضها.. ألا تعتقدون أنها عبء على الوزارة. وهل هناك خطة حيال هذا الأمر؟ ** اظهر تحليل الوضع الراهن لمستشفيات وزارة الصحة وجود الكثير من الموارد المالية التي يتم صرفها على تشغيل المستشفيات الصغيرة والتي تمثل 43% من مستشفيات الوزارة وما نسبته 16% من مجموع عدد الأسرة، ونسبة إشغال هذه المستشفيات منخفض جدًا وهناك عزوف من المواطنين عن مراجعتها لتواضع مستوى الخدمة الطبية المقدمة فيها وعدم تواجد الاستشاريين وانصرافهم عن العمل فيها وهي ظاهرة عالمية لا تختص بها المملكة وحدها ولذلك أصبح من المهم والضروري إعادة هيكلة وتدعيم المستشفيات لتحقيق الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة، واعتمدت الوزارة للتعامل مع هذه الفئة من المستشفيات استراتيجية تضمن الاستفادة المثلى من المستشفيات الصغيرة القائمة وعدم التوسع في إنشائها مستقبلًا حيث يصعب تحقيق الجودة لعدم وجود قوى عاملة مؤهلة فيها. اعادة الهيكلة * هل هناك توجه لإعادة هيكلة إدارات وزارة الصحة والمديريات من أجل توحيد الإدارات بدلًا من التباين بين مديرية وأخرى؟ ** تدخل إعادة هيكلة الوزارة ضمن اختصاصات اللجنة العليا للتنظيم الإداري برئاسة صاحب السمو الملكي والمفتش العام ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران حيث تم بالفعل الرفع لسموه بمقترح إعادة هيكلة وزارة الصحة والذي يتوقع أن يصدر قريبًا وبناء عليه ستتم إعادة هيكلة مديريات الشؤون بالمناطق والمحافظات الصحية والمستشفيات التابعة للوزارة بجميع مستوياتها إضافة إلى مراكز الرعاية الصحية الأولية. ** وزارة الصحة ذات طبيعة خدمية، فلماذا لا يكون هناك نائب للوزير مثل الوزارات الأخرى؟ ** وزارة الصحة تحتاج لأكثر من نائب ونرجو أن يتحقق ذلك في القريب العاجل. * الابتعاث والتدريب من أهم وسائل تطوير الاداء، ما خطة الوزارة بهذا الخصوص؟ ** خطة الوزارة تركز على ثلاثة محاور رئيسية تشمل التدريب الداخلي وقد ركزنا على العديد من البرامج أهمها إدارة الجودة الشاملة وجودة الخدمات الصحية ودعم الحياة الأساسي والمتقدم وتدريب الصف الأول والثاني من القياديين بالوزارة وبرامج مشتركة مع معهد الإدارة العامة والتأهيل والتهيئة لمعايير الاعتماد من المجلس الوطني المركزي لاعتماد المنشآت الصحية. كما شملت برامج إعداد المدربين وتنمية مهارات التعامل مع المرضى وذويهم لجميع الفئات وبرامج الدبلوم والبرامج التأهيلية المعتمدة من الهيئة السعودية للتخصصات الصحية. أما في فيما يتعلق بالتدريب في الخارج فإن الوزارة تنفذ برامج مشتركة مع جهات خارجية معتمدة وذات كفاءة عالية لتدريب منسوبي الوزارة وتشمل كل الفئات الوظيفية. وبلغ عدد الأطباء الموفدين للدراسة بالداخل حتى الآن (1689) طبيبًا والملتحقين ببرامج الدبلومات الطبية (70) طبيبًا والملتحقين بدرجة الزمالة (1369) طبيبًا ودرجة التخصص الدقيق أو الفرعي (129) طبيبًا، فيما بلغ عدد الملتحقين ببرامج الماجستير من الفئات الصحية والإدارية (110) موفدين وببرامج الدكتوراة (11) موفدًا. وبلغ عدد المبتعثين خارجيًا 1000 مبتعث حتى الآن منهم (700) ضمن مكرمة خادم الحرمين الشريفين للبعثات الصحية (400) في 1429ه، و(300) مبتعث في 1430ه وسيتم ابتعاث (300) في عام 1431ه، كما بلغ عدد المبتعثين من البند المخصص في الميزانية (300) مبتعث. مليارات أنفلونزا الخنازير * البعض يتهم الوزارة بصرف المليارات على (أنفلونزا الخنازير).. ما مدى صحة هذا الأمر وكيف كان تعاملكم مع هذا المرض؟ ** هذا الاتهام غير صحيح لأن ما تم صرفه لمواجهة الوباء لم يكن في خانة المليارات ولا يقترب من ذلك، وكان يمثل مشكلة عالمية وإقليمية ومحلية وكان لابد لحكومة المملكة أن تتعامل معه وتواجهه بأن تعقد المؤتمرات العلمية والعالمية وأن تعد وتنفذ الخطط للتصدي له وهذا ما قامت به وزارة الصحة. كما أن السياسات والقرارات والإجراءات التي خصصت لمواجهته لم تنفرد بها وزارة الصحة وحدها وإنما تشترك فيها القطاعات الصحية الحكومية الأخرى كافة ويتمثل ذلك في اللجنة الوطنية العلمية للأمراض المعدية والمكونة من استشاريين سعوديين متخصصين. وكان الاستعداد للوباء العالمي جيدا ومبنيًا على أسس علمية ويتماشى مع التوجهات العالمية لمنظمة الصحة العالمية فعلى سبيل المثال وليس الحصر كان للكاميرات الحرارية الفضل في اكتشاف عدد من الحالات القادمة من الخارج في مرحلة مبكرة مما سهل علاجها. وكذلك توفير العلاج اللازم للمرض والذي عالج الآلاف من الذين أصيبوا به إضافة إلى توفير المضادات الحيوية والمحاليل الطبية. وكان الاستعداد لموسم الحج للعام الماضي 1430ه على مستوى عال مما ساعد في السيطرة على المرض، ولم تسجل إلا إصابات محدودة وذلك بفضل من الله ثم الإجراءات الوقائية. *هل هناك نية لإيجاد حركة نقل سنوية أسوة بالمعلمين والمعلمات من اجل تلبية رغبات الممارسين في النقل إلى المواقع التي يرغبون فيها؟ ** تحرص الوزارة على تحقيق الاستقرار الوظيفي لمنسوبيها، ولدينا تنظيمات تقنن هذا الجانب، كما يجري حاليًا دراسة ذلك وسيتم النظر في إمكانية تطبيقه. الشهادات المزورة ماذا اتخذت وزارة الصحة من خطوات للحد من وفادة الشهادات المزورة إلى المرافق الصحية المحلية؟ ** تزوير الشهادات الصحية أمر تعاني منه كل دول العالم والمملكة من ضمنها. إلا أن خبرات الهيئة السعودية للتخصصات الصحية استطاعت أن تتصدى لمثل هذه الشهادات، وتمكنت من اكتشاف 1350 شهادة مزورة خلال السنوات الماضية، فضلًا عن أن امتحان التصنيف المهني الذي ألزم به جميع الممارسين الصحيين الراغبين في العمل بالمملكة حد من قدوم المزورين ومحدودي الكفاءة المهنية وذلك لتخوفهم من افتضاح أمرهم. البنية التحتية للمستودعات * هل لدى الوزارة توجه بإنشاء مستودعات طبية على أحدث المستويات خصوصًا أن بعض المستودعات حاليًا ليست بالمستوى المطلوب؟ ** منذ أن تشرفت بالثقة الملكية الغالية من ولاة الأمر للقيام بأعمال وزارة الصحة كان موضوع تطوير البنية التحتية للمستودعات الطبية من الأولويات المطروحة أمامي من خلال السعي الحثيث إلى إحداث نقلة نوعية حقيقية في الطاقة التخزينية لمنشآت الوزارة للأدوية والمستلزمات الطبية والمخبرية. وقد بدأ الإعداد والتحضير لإنشاء مستودعات جديدة بجميع المناطق على أحدث المواصفات والمعايير العالمية في هذا المجال. وتم الانتهاء من إعداد المواصفات والطلب من الشركات وبيوت الخبرة المتخصصة تقديم المشورة في هذا المجال كما تم إجراء دراسة شاملة لاحتياجات الوزارة. نقص الدواء * هل رصدتم أي نقص في الدواء بالمناطق والمحافظات؟ ** توفير الدواء أمر ضروري لا يحتمل التهاون والتقصير إلا أنه قد يحدث بعض التأخير في توريد بعض الأصناف من قبل بعض الشركات المصنعة مما يتسبب في نقصه في بعض المرافق الصحية، ويعد هذا النقص خارجًا عن إرادة الوزارة ويجري التنسيق لحل هذه المعضلة بصورة جذرية مع جميع إدارات التموين الطبي بالمناطق والمحافظات ومع الموردين لتلافي أي عجز. وأود هنا أن أشير إلى أن تأمين الأدوية يتم عن طريق المنافسات بالاسم العلمي للحصول على أسعار منافسة طبقًا للمواصفات.. إلا أن بعض المواطنين لا يرغب إلا في الحصول على الدواء الذى يريده، كما يمكن أن يحدث لديه لبس في شكل الدواء بسبب عدم استمرار التأمين عن طريق نفس الشركة مما يعطي انطباعًا وهميًا عن وجود نقص في الأدوية وهو بطبيعة الحال انطباع غير حقيقي. وأغتنم هذه الفرصة لأؤكد للجميع بأنه لا يوجد بوزارة الصحة ومرافقها المختلفة أي نقص في الأدوية الأساسية والحساسة. وتحرص الوزارة ضمن خططها على تطوير أداء التموين الطبي في مجالات الأدوية والمستلزمات الطبية والمخبرية. وتعمل جاهدة على تأمين وتوفير الدواء الفعال الحاصل على براءة الاختراع من الشركات الصانعة. وتم تحديث لجنة العلاج والدواء بالوزارة لوضع دليل مرجعي حديث مبني على الطب المبني على البراهين تستفيد منه جميع المنشآت الصحية التابعة للوزارة لإحداث نقلة نوعية في خدمات التموين الطبي بوزارة الصحة. الأخطاء الطبية * الأخطاء الطبية أصبحت حديث المجتمع.. ما أسباب زيادتها في الآونة الاخيرة؟ ** الخطأ الطبي في مفهومه الشامل هو كل خطأ ينتج عن ممارسة مهنة الطب وما دام أن هناك ممارسة طبية فإن حدوث مضاعفات أو أخطاء طبية أمر وارد على كل حال. وهنا أود الإشارة إلى أن هناك خلطًا لدى الكثيرين بين مفهوم الخطأ الطبي وبين ما يعرف بالمضاعفات المحتملة والتي قد تنشأ عن الإجراءات أو التدخل الطبي بالرغم من اتخاذ الاحتياطات كافة. ومقارنة بالأرقام والإحصائيات المسجلة لدى وزارة الصحة فإن الأخطاء الطبية لا تمثل ظاهرة بحد ذاتها وتعد الحالات المسجلة بالمملكة من أقل المعدلات في العالم. * لماذا لا تستخدم الوزارة نظام البصمة لإثبات حضور الممارسين الصحيين والكوادر المختلفة في المرافق كافة من أجل المزيد من العطاء؟ ** هذا الموضوع قيد الدراسة وسيتم اتخاذ القرار المناسب في هذا الصدد بعد الانتهاء من تهيئة البيئة المناسبة لهذا الإجراء ووفقًا لنتائج الدراسة السالفة الذكر.