ها قد أقبل شهر الخير.. شهر الرحمة، شهر الغفران، والعتق من النار، شهر به ليلة هي خير من ألف شهر.. شهر أنزل فيه القرآن، هدى للناس وبينات. قال تعالى :( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضًا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون)... هو شهر فيه تجارة مع الله وسباق إلى الخير وأعمال البر.. شهر تكبل فيه مردة الشياطين. ومع إطلالة هذا الشهر الكريم تتجلى لأذهاننا صور مصاحبة ومتلازمة للشهر.. الصورة الأولى: تستشري روح الشراء والتبضع ويبدأ الناس في شراء الضروري واللا ضروري.. ما يحتاج وما لا يحتاج.. في ظاهرة تتجلى في الأسواق والمتاجر فلا ترى إلا عربات قد غصت بمواد التموين خوفا من الجوع وكأنه شهر الأكل وليس شهر الصوم... ليتجرد الناس من فهم المضمون الحقيقي للشهر والعبرة والاستشعار بالجوع والعطش.. ويعلم الكل أنه لن يموت جوعًا ولا عطشًا ولكن هي حالة نفسية وشعور داخلي.. وتحسس للجوع والعطش...وغياب تام لثقافة الشراء وسياسة الاقتصاد. والصورة الثانية: ولعلها من أهم مظاهر استقبال شهر رمضان والمصاحبة لقدومه وهي ارتفاع الأسعار .. فتحت زيادة الطلب وغياب الرقيب.. ونوم الضمير يرتفع السعر دون هوادة.. وهناك سؤال يتبادر إلى ذهني ويقض مضجع مخيلتي هو: هل يشتري مسؤولو التجارة وحماية المستهلك وكل من بيده عقدة الحل والربط والجهات الرقابية من ذات الأسواق التي يشترى منها المواطنون؟ ألا يكتوي أولئك المسؤولون بنار الغلاء؟ أم لهم أسعار خاصة؟ مسكين أنت يا مواطن فابك كيفما شئت، فلن يجدي نوحك ولن يسمع صوتك ولن يلتفت احد إلا إلى جيبك ؟؟ أصبح التاجر المتمثل في صاحب المحل ومنافذ البيع التي تربع على عرشها العامل الوافد أصبح هو المتحكم في أسعار السلع... فرفقا بنا. والصورة الثالثة: هي الأشنع والأخطر وهي تلك الشاشات الفضية التي لا تكل ولا تمل من عرض المزري والمشين ضاربة بحرمة الشهر الكريم عرض الحائط فما أن يهل شهر رمضان إلا وقد بدأ السباق المحموم بين القنوات لجذب المشاهد بمسلسلات العري والفضائح بدعوى أن هذا المسلسل أو ذاك يناقش قضية اجتماعية لحلها ويكون السم في العسل فيتفطن الغافل ويزداد الفاسد في غيه ولم نسمع يومًا أن مسلسلًا ما قد حل مشكلة معينة.. وما يرسل بين ثنايا تلك المسلسلات ما هو إلا رسائل غثة بمضامين عرجاء باهتة موجهة.. فهي لا تحمل مضمونًا هادفًا إنما السباق تجاري، من خلال الإعلانات المصاحبة ويكون الصراع على أشده لنيل الفترة الذهبية للعرض وهي ما بعد الإفطار مباشرة. تلك الرسائل لم آت بها من اللا مكان ولم أسقطها من الفضاء على ارض الواقع ولم تكن في خيال كاتب إنما هو مشهد مكرر وموال متجدد مع إطلالة كل رمضان.. والتخلص من تلك الصور المزعجة هاجس الجميع.. فرفقًا بنا. ياسر أحمد اليوبي - مستورة