كل الموتى ملامحهم هادئة . مع «متعب السعد» أول مرة أرى ميت.. وغاضب! (مسؤول ثلاجة الموتى في المستشفى) وُلد بسرعة.. أنجبته أمه ولم يدخل حملها له الشهر السابع وكبر بسرعة. ومات بسرعة. (إحدى عجائز العائلة) «متعب السعد»: أجمل وألطف الرجال الذين عرفتهم في حياتي . (سطر كتبه اسم مستعار – لا يعلم أحد هل هو ذكر أم هي أنثى – ونشر في منتدى إلكتروني شهير) كنت أراهن عليه لمستقبل الكتابة السردية في البلد.. ولكنه خذلني ! (ناقد) كانت تنبعث منه رائحة كريهة، والعياذ بالله ! (موظف مغسلة الموتى في المقبرة) الفقيد - رحمه الله رحمة واسعة - كان يكفل أحد الأيتام في جمعيتنا وذلك منذ ثلاث سنوات وحتى يوم وفاته.. لا حرمه الله الأجر . (مدير الجمعية الخيرية) انشغل في السنتين الأخيرتين بالبحث عن أصل جدنا السابع.. وصار يهوى جمع كتب الأنساب! ( أحد أبناء عمومته ) الله يرحمه.. كان موظف سيئ ! (زميل في العمل) أراح .. واستراح ! (أحد الأقارب) سنفتقده كثيرا . (أحد الأقارب) كم من حكاية تبحث عنك لترويها ؟ كم من «قصة قصيرة» كانت ستأتي على يديك.. ذهَبَت ولم – ولن – تعود .. لأنه لن يكتبها أحد سواك . كم من « لقطة» ستعبر أمامنا دون أن نراها، ووحدك من يراها ويلتقطها . مات بطل الحكاية في منتصف الحكاية . لم يعد للسرد طعم بعدك يا « متعب السعد» . أنت روايتنا الأجمل والتي توقفت عند الفصل الرابع .. دون أن نعرف بقية الحكاية.. (مقطع من نص يرثي متعب السعد نشرته المجلة الثقافية). متعب ؟.. متعب السعد ؟!... كأنني أعرف هذا الاسم !... أين يعمل ؟! (واحد) أنا لم أختار يوم ولادتي ، ولا أصلي ولا فصلي ، ولا لون بشرتي أو شكل ملامحي ، ولا القوم الذين أنتمي إليهم ، ولكن .. بإمكاني أن أختار يوم وفاتي وشكل مماتي ! (من إجابة لمتعب السعد في حوار أجرته معه صحيفة الحياة). عامل سنترال المستشفى المجاور خرج من مكتبه الصغير دون أن يستأذن من المدير المناوب « كلها دقائق وأعود .. وهذا الوقت من النادر أن تأتي اتصالات لطلب النجدة « عَبَر الطريق متجها لذلك الحي ليشتري علبة سجائر من السوبر ماركت الوحيدة التي لا تغلق أبوابها بعد منتصف الليل. دهسته سيارة مسرعة قبل أن يصل إلى الرصيف الآخر. تمدد على الإسفلت وقد تهشم فكه وتساقطت أسنانه وأنكسر عموده الفقري.. ودماء كثيرة تنزف منه لا يدري من أين . كان يسمع بعض كلمات العمال الذين خرجوا من السوق «هنا مستشفى قريب».. «لا نستطيع أن نحمله».. «سيتضرر ظهره وأي حركة من الممكن أن تصيبه بالشلل».. «لا بد من حضور سيارة الإسعاف».. «لا أحد يجيب على الهاتف»... «لا أحد يجيب» ... «لا أحد يجيب».... لحظتها كان يتمنى لو أنه يستطيع الكلام ، ليقول لهم: «أنتم تتصلون علي.. يجب أن أكون هناك لأرد على اتصالاتكم»! (قصة قصيرة لمتعب السعد). [email protected]