· لا أعرف على وجه التحديد كيف يتم اختيار أعضاء اللجان المسؤولة عن تسمية الشوارع في بلادنا - هذا على افتراض أنها موجودة فعلاً - ولا اعرف أيضاً ماهية المعايير و الأسس التي تختار بها تلك اللجان الأسماء (المكلكعة) التي تمتلئ بها شوارعنا!.. لكن ما أنا أكيد منه ان معظم تلك المسميات التي تجثم على صدور الشوارع السعودية -خاصة الفرعية منها- منذ أكثر من ربع قرن ليست ذات أهمية لدى الناس، ولم يتم تفعيلها حتى اليوم! بدليل ان معظمها ما زال غير معروف حتى لسكان الشارع نفسه!.. بل ان الأدهى والأنكى من ذلك ان تجد بعض الجهات الحكومية المهمة كالهلال الأحمر أو الدفاع المدني، أو بعض الجهات الخدمية كشركات الاتصالات و المياه والكهرباء، ما زالت تتعامل مع البلاغات بطريقة بدائية مخجلة.. كأن تطلب منك الانتظار أمام معلم شهير، كبنك مثلاً، أو (سوبر ماركت)، أو (مطعم هندي)!.. كي تدلهم بنفسك على منزلك الذي تُزين واجهته تلك اللوحات الخضراء التي أكل عليها الدهر وشرب!. · إن سألتني هل المشكلة تكمن في صعوبة الأسماء التي تطلقها اللجنة على الشوارع؟ أم في استبدالها لأسماء شوارع شهيرة، تعود الناس عليها، بأسماء أخرى؟ أم في عدم اقتران المشروع منذ انطلاقه بحملة تعريفيه توضح للناس الطريقة الصحيحة لقراءة العناوين؟.. فسأجيبك -حسب معرفتي المتواضعة- بأنها الأسباب الثلاثة مجتمعة!.. غير ان أهمها وأصعبها بالطبع هو السبب الأول، فكثير من تلك الأسماء تبدو لك وكأنها (اعجوزة) عربية قديمة تتحدى كل قدراتك اللفظية، وكل مهاراتك في القراءة والحفظ، كتلك التي تطلب منك القول ولخمس مرات دون تلعثم: “وَ قَبْرُ حَرْبٍ بِمَكَانِ قَفْرٍ، وَلَيْسَ قُرْبَ قَبْرِ حَرْبٍ قَبْر”!. · لست ضد تسمية الشوارع بأسماء الصحابة والتابعين، أو مشاهير العرب ممن تعودت الأذن على سماع أسمائهم.. فهذا من أبسط حقوقهم علينا.. لكن أن تتحول العملية إلى مجرد خلطٍ مضحكٍ لأسماء عربية قديمة، في سبيل إنتاج أسماء وهمية غاية في الصعوبة والتعقيد من مثل (قثعم بن قضاعة المقريزي)، (المقوقس بن كلدة المقدوني)، (أبو العلاء بن جرير المتنبي)، (السموأل بن حلزة السامرائي) وإيهام الناس أنها تخص صحابة وتابعين وشعراء عرب، بينما حقيقة الأمر أنها تأتي لمجرد سد الفراغ.. فإن المشكلة هنا تتخطى حدود الصعوبة في حفظ ونطق تلك الأسماء التي تحتاج إلى جهد غير عادي، يخجل معه البعض من محاولة نطقها خوفاً من الوقوع في الخطأ.. لتصل إلى حد التزييف التاريخي الذي أتحدى معه أي باحث في التاريخ، ان يفك رموز معظم تلك الأسماء العشوائية، أو ان يجد لها أثراً في كل كتب طبقات العرب، أو حتى في طبقات الجو العليا!. · يا لجاننا الموقرة: إن سُدت عليكم كل الطرق، و لم تجدوا سبيلاً إلى أسماءٍ بسيطة ومعروفة لرواد سعوديين خدموا هذه البلاد وأهلها.. أو أخرى مرتبطة بوصف المكان.. فالرجاء كل الرجاء ان تكتفوا بأن تضعوا على كل شوارعنا الفرعية أرقاماً.. نعم.. أرقاماً فقط.. تسهيلاً على الناس.. وحتى لا يصدق في لجانكم ما يتهامس به العامة من مسمى “لجنة أكل الكوارع لاختيار أسماء الشوارع”!. [email protected]