يفتتح فيلم “شارع النخيل الجريح” للمخرج التونسي عبداللطيف بن عمار يوم غدٍ الخميس الدورة ال 46 لمهرجان قرطاج الدولي العريق بعدما كان الغناء والطرب هو الطاغي على سهرات الافتتاح في السنوات الأخيرة. وقد أختارت إدارة المهرجان هذا العام الفيلم الروائي “شارع النخيل الجريح” في افتتاح العروض المتنوعة المبرمجة في هذه التظاهرة التي تستمر حتى 15 من شهر أغسطس المقبل. ويتزامن هذا العرض مع اعلان الرئيس التونسي زين العابدين بن علي العام 2010 “سنة الاحتفاء بالسينما التونسية” من أجل النهوض بهذا القطاع وحماية حقوق المؤلفين لا سيما من عمليات القرصنة والاغلاق المستمر لصالات العرض. ويروي الفيلم وهو من إنتاج مشترك تونسي جزائري قصة فتاة تونسية تبحث عن تاريخ والدها الشهيد الذي سقط خلال “حرب بنزرت” (شمال العاصمة) عام 1961، وتواجه هذه الشابة خلال عملية البحث الشاقة عراقيل كثيرة حيث تتضارب بعض التفاصيل أمام بعض الكتابات ومحتوى الذاكرة الشعبية التي ظلت تختزن كما هاما من الحقائق. وأوضح المخرج عبداللطيف بن عمار الذي يضع فيلمه في خانة “سينما الواقعية الجديدة” أن في عمله هذا “دعوة إلى كتابة علمية وجادة للتاريخ”، وفيه أيضاً “إدانة للمفكرين الذين لا همة لديهم، يزورون التاريخ لأغراض سياسية ولنيل شرف لا يستحقونه”. وأضاف: “الفيلم موجّه بدرجة أولى إلى الأجيال الحالية في المنطقة العربية وكذلك الافريقية التي تفتقر لضوابط ومراجع نتيجة تقزيم الفاعلين في الحقل السياسي لتاريخ الشعوب”. وركز بن عمار في الفيلم على مدى أهمية الامتدادات الثقافية الراسخة للشعوب العربية في إنتاج وإنجاح مشاريع سينمائية، موضحاً: “حان الوقت لتفيعل هذا المسعى”. ويشارك في الفيلم 26 ممثلا من بينهم الجزائريون ريم تاكوشت وعائدة كاشود والعربي زيكال وحسان كشاش والتونسيون ناجي ناجح وليلى وز ودليلة مفتاحي وشادلي العرفاوي وصالح مصدق. ويعود بن عمار الى مسرح مهرجان قرطاج الاثري بعد غياب دام حوالى ثلاثين عاما، وكان قد افتتح هذه التظاهرة عام 1980 بفيلم “عزيزة” الذي حاز جائزة “التانيت الذهبي” لأيام قرطاج السينمائية في السنة نفسها. وأشار مراد الصقلي الذي يخلف بوبكر بن فرج في رئاسة أعرق المهرجانات التونسية على أنه يطمح إلى تجديد مضمون هذه التظاهرة السنوية ليتناسب مع تاريخه العريق، مؤكداً أن للسينما مكانة خاصة هذا العام. وقد اقترن اسم مهرجان قرطاج بالمسرح الروماني المتربع فوق تلة “بيرصة” المشرفة على آثار هذه الضاحية التونسية التي كانت عاصمة الفينيقيين، وغنّى على خشبته فنانون كبار مثل كوكب الشرق أم كلثوم وفيروز وعبد الحليم حافظ ونجاة الصغيرة.