من الصعب إرضاء ذوقي في أصناف الأحذية، فلا أنتعلها إلاّ بعد اجتماع باقةٍ من المواصفات فيها، وكم احتارت معي (بعلتي)، ففي مناسبة سابقة أهدتني حذاءً إيطالياً غالياً، فرفضتُ انتعاله لمخالفته هذه المواصفات، فحَلِفت ألاّ تهديني حذاءا بعدها، فهل ستبرّ بحلَفِها أم ستحنث به؟ هذا ما ستكشفه الأيام!. مؤخراً تهالكت أحذيتي، فطفتُ في الأسواق، باحثاً عن حذاءٍ يُحقّق مواصفاتي، وبعد عناء عثرتُ على حذاء صيني فيه المواصفات التي أنشدها، فتأمّلته تأمّل قيسٍ لمحبوبته ليلى، وعرّفته على قدميّ كما يُعرِّف الخاطبُ نفسه إلى خطيبته، ثمّ ابتعتُه بلا مفاصلات سعرية مع البائع، لكن للأسف، جئتُ لأفرح به فلم ألق أيّ (مطرح)، إذ سُرق مني عند باب المسجد، وهو لم يُكمل أيامه الأولى في أحضان قدميّ، فرجعتُ مكتئباً إلى بيتي البعيد عن المسجد.. حافياً!. تبّت أيدي اللصوص، وأرى أنّ للأحذية حقّ حمايتها، رداً لجمائلها علينا، فهي تحملنا بلا كلل، الهزيل منّا والسمين، وهي تحفظ أقدامنا من المرض والضرر، وهي تخدمنا أكثر من الآدميين، الأقارب منهم أو الأباعد، الذين لا خيراً يُنال بهم ولا شرّاً يُكتفى منهم، وأقترح على وزارة التجارة أن تُلزِم مصانعها بتزويدها بجهاز استشعار إلكتروني، ليُدلّنا على أماكنها بعد سرقتها وفضح اللصوص!. (آخ) نسيتُ أن أقول لكم: كم هو فظيعٌ أن يمشي المرءُ حافياً في شوارع جدّة، سواء على الرصيف المتكسّر، أو على الأسفلت المُدبّب، مُتجنباً الأوساخ والفضلات، وشظايا الزجاج، وبقايا مياه المجاري، ممّا زاد حدّة اكتئابي، فظللتُ أردّد بصوتٍ عالٍ وكأنّ بي جِنّة وسط ذهول الناس: وا حذاءاه.. واحذاءاه!. فاكس 026062287 [email protected]