* منذ فترة تلقيتُ رسالة من الأستاذ فيصل مبروك القثامي مدير ثانوية مكةالمكرمة شرفها الله، تتعلق بالشأن التعليمي في عمومه وما حصلت عليه ثانوية مكة من شهادات عالمية. ولمّا كنتُ مشغولاً بعض الوقت لم أتمكن من عرض الرسالة أو التعليق عليها، ولكن وكما يُقال كل مقدر لزمنه ونحن مع نهاية عام دراسي، أرى أن هذا هو الوقت المناسب لعرض الرسالة والتعليق عليها. * يقول الأستاذ فيصل في رسالته التي وصلتني عبر الإيميل: «تعلمون ما للمدارس من مهمة عظيمة في بناء النشء وتربيته وتقويم سلوكه والرقي به إلى سلم الكمال، وحيث مدرستنا الحبيبة ثانوية مكةالمكرمة في مكةالمكرمة قد حصلت على شهادة الأيزو (9001) من المنظمة الدولية للمقاييس في جودة العملية التربوية والتعليمية، وهذا بفضل الله ثم بفضل مجموعة من رجال التربية والتعليم الشرفاء المخلصين في هذه المدرسة العامرة.. فإننا نأمل الإشارة إلى جودة التعليم والاهتمام بذلك نحو الرقي قدر المستطاع بالعملية التربوية والتعليمية، حيث ستنعكس آثار ذلك على الجميع». * أولاً تهنئتي للأستاذ فيصل وزملائه من منسوبي ثانوية مكة على حصولهم على هذه الشهادة الرفيعة، وعلى جهودهم وإخلاصهم، ثم إن ما طرحه الأستاذ فيصل وهو تجويد العملية التعليمية في كل مفاصلها من مناهج وطرق تدريس ومدرسين وإدارة وتجهيزات ومبانٍ وقوى بشرية ومجتمعية مساندة هو واجب حتمي في شقيه الذاتي والمجتمعي الوطني. * فالتعليم كما يعرف الكبير والصغير هو حجر الأساس، والعامل الفاعل، والوسيلة المؤثرة في بناء المجتمعات وتطورها وتقدمها، وأي انعكاس لنوعية العملية التعليمية إيجاباً أو سلباً تظهر بكل وضوح على المجتمع بأسره. فجودة العملية تعني بكل بساطة مجتمعاً إنسانياً صحياً في كل مكوناته البشرية والنفسية والاقتصادية والسياسية والصحية والأمنية. بل تعني أيضاً مجتمعاً سليماً مبادئياً وفضائيلياً. * أما وإن كانت العملية التعليمية في أدائها خبط لزق فلا يعني ذلك سوى مجتمع «هشّك بشّك» تسوده الفهلوة واللعب على كل الحبال، وتسيطر عليه عقلية الحق الخاص دون غيره، والأنانية المفرطة في التعاملات الحياتية، والتعالي الذاتي مع الآخرين وحقوقهم، وهو ما يتجلّى بكل أسى في بعض المظاهر السلبية لدينا هنا في مجتمعنا المحلي من قلة أمانة وعدم مراعاة للمال العام، أو من عدم احترام النظام العام بما فيه نظام المرور؛ ممّا يتسبب في خسائر مادية وبشرية هائلة، أو في أقل تقدير في عدم انضباطية العاملين في الأجهزة الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص. * لا أود حقيقة أن أزايد على الزملاء مسؤولي وزارات التربية والتعليم، والتعليم العالي، والمؤسسة العامة للتعليم الفني، ولكني وكوني أستاذاً جامعياً وقبل ذلك طالباً مر بكل المراحل التعليمية من ابتدائي إلى متوسط إلى ثانوي إلى جامعي إلى دراسات عليا، أرى أننا في أمس الحاجة إلى إعادة غربلة شاملة جامعة كاملة للعملية التعليمية في كل قطاعاتنا التعليمية، وليس من العيب في شيء إطلاقاً الاعتراف بذلك أو إقرار السلبيات؛ لأن أولى خطوات النجاح هو الاعتراف بوجود مشكلة، ثم بعد ذلك وضع الحلول المناسبة للقضاء عليها.