عندما تم تنصيب أوباما رئيساً للولايات المتحدة طبل العالم العربي وزمّر، واعتقد أنه طوق النجاة لعالمنا الذي مازال يغرق في مآسيه، وقتها لم أكن متفائلة، لأنني كنت موقنة بأن هذا التنصيب ماهو إلا خديعة من اللوبي الصهيوني، فاحتفظت برأيي لنفسي، فمن ذا الذي سيسمعه في سكرة الفرحة تلك، وربما كان رأيي يتوافق مع آراء قيلت في حينها، ولكنها ضاعت في وسط الزحام. رأيي المتواضع يتلخص في أن أوباما ماهو الا لعبة جديدة صنعها اللوبي الصهيوني الأمريكي، الذي أتقن زخرفتها وبهرجتها. فبعد أن لطخ بوش الابن وجه أمريكا بأفعاله المشينة، جراء غطرسته المقننة والمدروسة التي رسمها له ذلك اللوبي، مما أطاح بكرامة أمريكا، وكاد يفقدها هيمنتها ومكانتها خاصة في العالم العربي أسرع اللوبي الصهيوني إلى جعبته المليئة بالألعاب، وأخرج لُعبة أوباما، سعياً للحفاظ على الهيمنة الأمريكية على العالم من خلال طُعم الديمقراطية، ومحاربة العنصرية، فاختار حاكماً من ذوي البشرة السوداء، التي كانت مضطهدة، وبهذا شُغل العالم عن سياسة بوش وأفعاله المخزية، وفرح باللعبة الجديدة التي ترمز للديمقراطية والمساواة. وعرف اللوبي الصهيوني كيف يدغدغ مشاعر المسلمين، حين شرع يلمع صورة أوباما في الذهنية العربية، فسخّر وسائل إعلامه التي طفقت تنشر خبر عائلته المسلمة، وأنه في صغره تربى على الإسلام، بما يوحي أنه يحمل حنيناً ومخزونا إسلاميا قد يدفعه للتعاطف، أو التعامل بطريقة أفضل من سلفه مع القضايا الإسلامية. ولعل أوباما نفسه كان مخدوعاً بلعبة الديمقراطية هذه، وربما هو كما وصفته هيلين توماس بأنه (ضمير حي لكنه لا يملك الشجاعة) لأن اللوبي الصهيوني كان واثقا من اتقانه لصناعة لعبته. فالأضواء والشهرة والمال كل ذلك كفيل بأن يميت كل ضمير حي، أو على الأقل إصابته بالإعاقة التامة. وبما أن عالمنا العربي والإسلامي يئن من عذاباته وإحباطاته وانشقاقاته فإن أي بصيص نور ولو كان خادعاً يكفي لأن يجعله يرقص طرباً على جراحه، وهاهي الأحداث تكشف يوماً بعد يوم حقيقة اللعبة اللوبية، فقضايا الأمة الإسلامية مازالت معلقة في حبالها، والديمقراطية الأمريكية الزائفة أخذت طبقة (الماكياج) تسيح من على وجهها، فموقف أوباما المتخاذل من القضية الفلسطينية، يثبت وقوعه في غرام اللعبة اللوبية فلا فرق بينه وبين أسلافه. وهاهي تصريحات بيته الأبيض الذي يمثله عن (أسطول الحرية) تؤكد أن اللوبي الصهيوني هو من يحركه (بالريموت كنترول). حيث قوبلت تلك الفاجعة الإنسانية بالإعلان عن أسف بارد لوقوع خسائر بشرية، واكتفى بوصف تلك المجزرة البشعة بأنها مجرد عملية خاصة ضد (أسطول الحرية)، وهذا الموقف يجسد قمة اللامبالاة، وقمة الانحياز والتواطؤ الأمريكي ويأتي موقف الرئيس أوباما من عميدة الصحافة في البيت الأبيض (هيلين توماس) التي طالبت بخروج الإسرائيليين من الأراضي الفلسطينية وبعودتهم إلى البلدان التي قدموا منها، وأن من حق الفلسطينيين أن يدافعوا عن أرضهم بكل الوسائل. هذه التصريحات لدغت اللوبي الصهيوني فجند كل وسائله للإطاحة بصاحبة الرأي مما اضطرها إلى تقديم استقالتها، وهنا ينجرف أوباما مع التيار فينكشف وجهه الحقيقي وموقفه من القضايا العربية، حيث أكد أنها اتخذت القرار الصائب حين استقالت، وكأنه تنفس الصعداء وفرح بتلك الاستقالة التي يبدو أنها سببت له إحراجاً مع أسياد وعناصر يهابهم، منحوه الكرسي والأضواء والشهرة، حتى أنه أغرق في الرمي ووصف تصريحات هيلين بأنها جارحة وخارجة عن النص!! وزاد أمره افتضاحاً حين صرح في مقابلته مع قناة (إن بي سي) أنه من المؤسف أن تنتهي مسيرة هيلاري توماس إلى هذه النهاية المخجلة!!!. أين الديمقراطية، وأين حرية الرأي والعدالة التي وعد بها أوباما العالم؟؟ سؤال أوجهه للرئيس أوباما: ألا يعد انتهاك حرمة الإنسانية، وقتل الأبرياء واغتصاب حقوق الآخرين، والقرصنة غير المشروعة، والتعدي على القوانين الدولية، خروجا عن النص؟؟ أم لأن هيلين توماس عربية من أصل لبناني، وأولئك القراصنة هم الأسياد الصهاينة؟؟.