الفنان إبراهيم الخبراني يقدّم لوحة حديثة من إنتاج عام، تحمل عنوان (سؤال 2)، التكوين العام للوحة يتألف من أربع مساحات شريطية عمودية تتميز هذه المساحات بسيطرة اللون الأحمر في الشريط العلوي، الذي تظهر عليه في الوسط بقعتان من لونين، أسود مخفف وبقعة تحمل مزيجًا من الأزرق والأسود والأبيض، يلي هذا الشريط العلوي، وبإتجاه الأسفل شريط يغلب عليه اللون الأزرق الداكن المشوب بالحمرة والأزرق الفاتح، يلي ذلك شريط باللون الأزرق، ثم بعد ذلك الشريط الجانبي، الذي يظهر أكبر مساحة وبلون يميل نحو السواد بإتجاه الجانب، تتوزع في الجهة العليا منه بقع من اللون الأحمر والأزرق والأبيض. يستخدم الفنان خامة ألوان الأكريلك بتقنية الكشط وضربات الفرشاة العريضة. عند الرؤية التحليلية لهذا العمل نجد أن الفنان اعتمد في بناء التكوين العام للوحة على التراكم العمودي للشريط الأفقية ذات اللونين الأساسين الأحمر الدافئ والأزرق البارد. اهتم في أن يمثل الشريط الجانبي - الذي يشغل اللون الأسود وبعض ضربات الفرشاة بالأحمر والأزرق والأبيض – المساحة الأكبر مقارنة بالأجزاء العلوية تأخذ الحدود الخارجية لهذه المساحات انحناءات ناعمة وغير دقيقة في بعض الأجزاء. استخدم الفنان تقنية كشط اللون (حك لون على آخر، أو على سطح الكانفس الأبيض)، في وسط وأسفل اللوحة، وبالذات على اللون الأزرق. أعطت تقنية الكشط حس الملمس في بعض الأجزاء. التباين اللوني بين الأسود والأزرق والأحمر منح المشاهد الأحساس بالعمق. لا شك أن بساطة التكوين، والتوزيع التلقائي للألوان، ومحاولة التخفيف من التباين اللوني، بين أشد الألوان تباينًا (الأحمر والأزرق) منح اللوحة جوًّا مفعمًا بالحيوية والإثارة. فاللون الأحمر حار صارخ ومتمرد سيطر على قيمة اللوحة وعلى أشلاء مبعثرة في وسط اللوحة ويأتي اللون الأزرق البارد على الجانب الآخر، وهو يظهر بشكل صارخ مضاد للون الأحمر. يقدم لنا الفنان الخبراني عملاً رائعًا لعب فيه الصراع اللوني والتجريد الشكلي دورًا كبيرًا. وينجح الفنان في إحداث نقلات العين بين هذه الألوان المتضاربة بالسيطرة على تكنيك استخدام السكينن بسحب ودعك اللون الأسود الداكن على بعض المناطق الحمراء والزرقاء. ولا شك أن ذلك منح اللوحة أجواء من الغموض وأحدث نوعًا من التوازن والتقارب بين اللونين المتضاربين. وقد أعطيت الصياغة التجريبية للوحة آفاقًا أوسع، في أن يستمتع كل مشاهد بهذا العمل وفقًا لخبرته الذاتية وإسقاطاته الخاصة، لأن الواقعية بارتباطها المحدد بالطبيعة تفرض تحديدًا لمجال الرؤية، فالطبيعة بمفرداتها البصرية المألوفة في العمل الفني الواقعي تصبح الإطار المرجعي لاستيعاب العمل، أما في التجريدية فالرؤية عند المشاهد تكون أكثر حرية وإنطلاقًا في الاستمتاع الجمالي والفكري بالعمل الفني. (*) عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود