دومًا تأتي إرادة المولى لإظهار الحقائق الغائبة عن الأبصار والأفئدة، حين تتحوّل الأحداث والوقائع إلى حدث بحجم الكارثة والفاجعة التي تكتسح أرواح البسطاء وآخرين من العابرين بموقع المأساة، وتوردهم الهلاك في وقت قياسي. وقد وضع البعض منهم أموالهم بالكاد في مأوى متواضع يجمع شملهم تحت سقف واحد، لتلقى أعداد حتفهم في تلك المخططات السكنية المحظورة، وغير الصالحة للإسكان شكلاً و“مضموناً”، ثم تمتد الخسائر بلا هوادة إلى الطرقات والخدمات والمنشآت بأحياء مدينة جدة ليتضاعف المصاب البيئي ويُعم، وتعتصر الحسرة كل القلوب. وفي المقابل في معادلة غير متكافئة ظلومة يجني ويحصد المتآمرون الجشعون تحت أجنحة الظلام الأموال الحرام، ممّن يتخذون شعار (أنا ومن بعدي الطوفان) بما في أيديهم الآثمة من صلاحيات العمل، واتخاذ القرارات، وتنفيذ المشروعات، وإعداد حجج استحكام الأراضي، والأختام الرسمية. متعمّدين مع سبق الإصرار كل أشكال العبث والتلاعب بمصلحة الوطن والمواطن، والمقدرات والأرزاق، وهي جرائم مزدوجة متشابكة الضرر، تشيع الخوف والفوضى والدمار، وآثارها لا تقل ضراوة عن جرائم الإفساد في الأرض، والحرابة. لهذا تأتي أيضًا القرارات الملكية تتناسب مع حجم هذه الجرائم الشنعاء البشعة، ويتم إدراج جرائم الفساد المالي والإداري تحت الجرائم التي لا يشملها العفو جزاءً موفورًا، لاعتبارها كالخيانة العظمى، والتآمر على المستوى الخارجي، أو الداخلي سواء بسواء. حيث يتحوّل هؤلاء المتآمرون إلى أعداء وخصوم للوطن والمواطن، فتلك النفوس الجشعة الظلومة لا تستحق حمل الأمانة والمسؤولية، وليسوا أهلاً للثقة.. يقول المولى عز وجل: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل). ولعل الأيام المقبلة تشهد سقوط هوامير الأسواق الذين يفتعلون الأسباب لرفع أسعار السلع في مؤامرات ضارية خفية، ويتبادلون الاتهامات، وفي نهاية المطاف يقتسمون فيما بينهم هذه المكاسب والعوائد، كل هذه النماذج لا مكان لهم في مواقع العمل الشريف، وميادين البناء والتعمير الوطني، والعقاب المُستحق، وساعة الحساب قد حانت، وهي الخاتمة التي تنتظرهم، والتي يعتبرها مليكنا المفدى مسؤولية الوفاء بالوعد، وإبراء الذمة بالقضاء على الفساد، وتخليص الوطن من شروره في خطوات حاسمة لا رجعة فيها. وردت في نص الأمر الملكي بجريدة “المدينة” العدد (17184) حيث أشاعت أجواء الاطمئنان التي كاد الوطن أن يفتقدها تحت سطوة عصبة الإرادة الشريرة التي تريد أن تفرض سيطرتها وحصارها على المقدرات الوطنية والأمنية، وتتلاعب بها شطرًا بطرًا لمصالحها ومآربها إلى الحد الذي تلحق به الأضرار والأخطار والخسائر الجسيمة بالأرواح والممتلكات، والحصاد والأرزاق وتبث الخوف في النفوس الآمنة. هي عدالة السماء، تأتي لتحسم الاعوجاج كي تستقيم الأمور على مسارها الصحيح، قيضك الله يا حاكم البلاد والقيادة الرشيدة ظهيرًا للحق المبين، وللعدالة أمينًا