اعتبر د.عبدالله الأشعل مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق وأستاذ القانون الدولي والمحكم الدولي أن الاتفاقية التي تم توقيعها بين دول حوض النيل في عنتيبي بأوغندا لتوزيع الحصص بالتساوي بين كل الدول التسع غير ملزم من الناحية القانونية لباقي الدول التي لم توقع عليها خاصة مصر والسودان.. مؤكدًا أن التوقيع باطل ويعد سذاجة قانونية وضد القانون الدولي. وقال الأشعل خلال محاضرة “أزمة مياه دول حوض النيل” بجمعية الاقتصاد المصري السياسي والإحصاء والتشريع مساء أمس الأول الجمعة: إن موقف مصر وكذا السودان من الناحية القانونية سليم، حيث إنه ضمن الحقوق المكتسبة والتاريخية، وأيضا فإن القانون الدولي يجعل من الاتفاق الذي تم في عدم وجود جميع الأطراف باطلا بطلانا مطلقا، فضلا عن أن القانون الدولي يمنح الحق لمصر الاستغلال الأمثل لمياه النيل طبقًا لنظام النسب من خلال الاتفاق الموقع، وعاد الأشعل ليؤكد أيضًا أن القانون الأفريقي يشير إلى أنه لا يجوز للاستعمار أن يرهن موارد الدولة؛ فبالتالي فالدول الإفريقية الموقعة على اتفاقية النيل في 1929 غير ملزمة بالاتفاقية؛ لأنها وقعت أثناء احتلالها من الانجليز.. فكيف نوفق بين القانون الدولي والقانون الافريقي في ظل عجزنا عن استغلال النهر كمجال للتعاون بيننا وبين دول حوض النيل. وحذر الأشعل من أن اتفاقية عنتيبي تجر المنطقة إلى حروب مائية حقيقية، مشيرًا إلى أن ما حدث في اجتماعات شرم الشيخ يمثل تطورًا خطيرًا في الموقف، بعد أن بات الحديث واضحًا عن فصل مصر والسودان عن بقية دول الحوض ولجوء دول المنابع إلى توقيع منفرد على اتفاقية لا تتضمن استجابة للمطالب المصرية والسودانية، لافتًا إلى أن هناك تحريضًا من دول خارجية كاسرائيل مثلا أدى إلى تصاعد الأزمة في حوض النيل، وما تقوم به إسرائيل في هذه المنطقة الاستراتيجية من القارة الإفريقية يمثل ضربة للعلاقات. وأوضح الأشعل أن اتفاق عنتيبي كان مفاجأة ليس على مستوانا نحن ولكن على المستوى الرسمي للأطراف التي لم توقع على الاتفاقية، حيث كان السيناريو المنتظر هو التهديد فقط أو التلويح بالتوقيع، وما حدث من تشكيل تكتل ضد مصر والسودان يعد تهديدًا مباشرًا لأمن الدولتين، في ظل السعي إلى إقرار اتفاقية يتم بمقتضاها التقسيم بالتساوي واستبعاد مصر والسودان من التوقيع. وقال: إن ما حدث سيؤدي الى تعميق الخلافات بين دول المنبع ودولتي المصب مصر والسودان، حيث تشبثت فيه دول المنبع بإعادة تقسيم المياه، أصرت مصر على عدم المساس بحقوقها المائية المنصوص عليها في جميع الاتفاقات الموقعة التي خصصت لها حصة 55.5 مليار متر مكعب من مياه النهر. وأوضح د. عبد الله الأشعل هناك أكثر من نظرية يتم التعامل من خلالها مع مثل هذه الاتفاقات أول هذه النظريات تقول إن تغيير لون الحكم لا يؤثر على الالتزامات التعاقدية خاصة في التزامات الحدود والأنهار والأوضاع الإقليمية لأن هناك حقوقا وترتيبات والتوارث يؤثر على هذه الحقوق، وهذه هي النظرية التي تعطي مصر الحق بأن تحتفظ بحقوقها المائية من نهر النيل، أما النظرية الثانية فهي التي جاء بها الزعيم التنزاني الأسبق نيريري أحد قادة الحركات الاستقلالية، وهي نظرية الصفحة البيضاء ومعناها أن الدولة الإفريقية التي تستقل عن الاستعمار تكون ولدت من جديد وليس عليها الالتزام بأي اتفاقات وقعها الاحتلال وإذا أرادت الالتزام بتلك الاتفاقات فيبدأ سريانها منذ الاعتراف بذلك، ووفق هذه النظرية التي تتبناها دول المنبع في حوض النيل. وأضاف أن قانون الأنهار الدولية تطور وأصبح يعتمد على توافق المصالح الأمنية بين الدول وليس التمسك بالحقوق التاريخية، ورغم ذلك يرى أن موقف مصر القانوني وجيه وإن كان يحتاج للمزيد من الجهد في الاتجاه الافريقي لتعود إلى مركز الصدارة ومحو كل الآثار التي كرست لها منذ عام 1979. ويؤكد الأشعل أن اتفاقية 1929 بشأن تقاسم مياه النيل تظل سارية المفعول بموجب القانون الدولي الذي يلزم الدول باحترام الاتفاقيات الإقليمية القائمة، وبموجب هذه الاتفاقية التي تم تعديلها عام 1959 تحصل مصر على 5.55 مليار متر مكعب من مياه النيل والسودان على 5.18 مليار متر مكعب، أي حوالى 87 في المائة من إيرادات النهر التي تبلغ 84 مليار متر مكعب، كما تمنح المعاهدة القاهرة حق النقض على كل الأشغال التي يمكن أن تؤثر على منسوب النهر.