* يفترض فينا - كعرب ومسلمين- أن نعترف بأن العقلية اليهودية تمكنت من جملة من الخصائص والأساليب التي مكنتها من معرفة العقلية الغربية وكيفية التعامل -معها- فصدور قرار بلفور الشهير سنة 1917م، سبقته عدة حيثيات يأتي في مقدمتها تمكّن شخصية المنظر الصهيوني حاييم وايزمان weizmann من اختراق الطبقة الإنجليزية المثقفة وذلك اثناء دراسته في جامعة مانشستر فكتوريا، في هذه البلدة البريطانية التي شهدت بداية الثورة الصناعية، تعرّف (وايزمان) على محرر واحدة من أشهر الصحف البريطانية -ماشستر جارديان- قبل أن تصبح لاحقاً باسم (الجارديان) وقدّمه محرر هذه الصحيفة سكوت (Scott) في سنة 1907م إلى زعيم حزب الأحرار والذي كان عضواً في حكومة الحرب - آنذاك- لويدجورج، وعندما أضحى هذا الأخير رئيساً للوزراء -وهو أول وآخر رئيس وزراء بريطاني من هذا الحزب والذي بدا نجمه يسطع أخيرا ببروز شخصية نيك كليغ Clegg، وانتقل وايزمان من أحضان لويد جورج إلى رعاية شخصية سياسية بريطانية أخرى من حزب المحافظين ولكنه كان عضواً في ائتلاف الأحرار وهو «آرثر بلفور» وتشير دراسات إلى أنه ينتمي لجذور يهودية. ولقد أسند بلفور إلى كل من البروفيسور وايزمان واللورد اليهودي روتشيالد وضع المسودة الأولى لقرار بلفور الشهير وفي 31 أكتوبر سنة 1917م وافق مجلس وزارة الحرب البريطانية بإصدار قرار بلفور القاضي بإنشاء وطن قومي لليهود فوق أرض فلسطين العربية والمسلمة وكانت نسبة السكان العرب آنذاك كما يذكر الباحث البريطاني «كريستوفر مايهو» تقارب 90% - أي أنه ليس هناك وجود يهودي يذكر آنذاك في فلسطين، ولعلي أوردت هذه المعلومات للتدليل على أن العقلية اليهودية تتفوق تفوقاً واضحاً على نظيرتها العربية فإذا كانت الأولى لا ترضى إلا بالقرارات المدونة والرسمية والمعلنة فإن الأخيرة تركن إلى ضمانات شفهية غير مأذون بالتصريح بها فضلاً عن أن تكون موضع تنفيذ عملي في يوم من الأيام.