كَأنَّني امرَأة مُطلَّقَة ..!

يُطْرِبُني كثيرًا الكَاتِب اللبنَاني السَّاخر “يحيى جابر”، فهو كَاتِب وسياسي وشَاعر، كُلُّ ذلك تَدعمه مَوهبة قَائمة، ولُغة صَائمة، ورُؤى حَالمة، ومَعاني سَالمة..! و“يحيى” هذا مَولود في 1961م، ومِن مَنتوجاتهِ المَعرفيّة، تُدرك خفّة دَمه، وشَقاوة عبارته، فمَثلاً في الشّعر: تَظهر دَواوينه على الأسماء التَّالية: «بحيرة المصل»، و«الزَّعران»، و«خُذ الكِتَاب بقوّة».. وآخر عنوان لَطيف جدًا إذا عرفنا أن اسم المُؤلِّف «يحيى»، وتَذكَّرنا قول الله -جلَّ وعزّ-: «يَا يَحْيَى خُذِ الكِتَابَ بِقُوَّةٍ»..! أمَّا في الصَّحافة، فإنَّ الأستاذ «يحيى» صَحافي لَه كُتب مِثل: «نجوم الظّهر»، و«عَواصم مِن خَطأ»، و«كَلمات سيّئة السُّمعة»..! وفي المَسرح له كِتَاب بعنوان: «ابتسم فأنتَ في لبنان»..! وفي الأدب السّياسي له كُتب مِثل: «بيانو مِن أرقام»، و«رفيق 14 شباط»، و«قمر 14 آذار - دفاتر هيا بنا»..! والأجمل مِن كُلِّ ذلك، تلك الجُملة التي تَدلُّ عَلى خفّة ظِل «يحيى جابر»، ويَضعها في أكثر كُتبه حيثُ يَقول: (لمُكاتبة المُؤلِّف مَدحًا أو هجاءً أو رثاءً، أرجو مُراسلتي عَلى ....، ثم يَذكر الإيميل)..! أمَّا مَا نَحنُ بصدده مِن إنتاج «يحيى جابر»، فهو كِتَاب: «كأنَّني امرأة مُطلَّقة»، وهو مَجموعة شعريّة، تَطفح باللغة السَّاخرة البَالية، المُبكية المُضحكة، فهو يَقول في نَصٍ آخر عنوان: «قَلب بين الأمعاء»: «لا يَهمّني وإن أصبح كِرشي منطَادًا لا يَهمّني بَدينًا أو نَحيفًا لا أعتقد أنَّهم يُدخلون النَّاس أفواجًا إلى الجنَّة حَسب الوَزن! أليسَ كَذَلك يا رضوَان»!!! * ويَقول في حبٍ مَات بلا وصيّة أو وَرثة: «الحمد لله عَلى سَلامتنا مِن حُبٍّ مُتهوّر، اصطَدَم بعَامود، وَقَع في ضجر مروّع على أوتوستراد نَجونَا مِن حُبٍّ أفلَتَت مَكابحُه، حُبٍّ تَجاوز السُّرعة المُحدَّدة، احتَرَقَت بَطاريته وسَال العُمر كالأسيد»!!! ثُمَّ يُعرِّف لنا مَن هي «أجمل النِّساء»، وبهَذا المَقطع تَنتهي قَصيدة: «كَأنَّني امرأة مُطلَّقة»، حيثُ يَقول: «أجمَلُ النِّساءِ مَن كَانت حِبرًا أجمَلُ النِّساءِ مَن كَانت فِيلمًا أجمَلُ النِّساءِ مَن كَانت في المَنام أجمَلُ النِّساءِ أنَا وأنا، كأنَّني امرَأة مُطلَّقة»..!!!