عندما تقول موسكو إن العقوبات على إيران بسبب برنامجها النووي أمر لا يمكن تجنبه فالمفترض بقادة النظام الإيراني أن يستمعوا جيدا. فروسيا وقفت طويلا ضد فرض عقوبات على إيران كما أنها الطرف الرئيسي الفاعل في بناء مفاعل بوشهر الإيراني ودون قرار منها بإكمال بناء المفاعل لن تستطيع طهران الاستمرار في برنامجها النووي سواء كان سلميا أو عسكريا. واللافت أن تصريحات نائب وزير الخارجية الروسي التي تحدث فيها عن ضرورة فرض العقوبات جاءت بعد يوم واحد فقط من تأكيد نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن أن العقوبات على طهران قريبة، بل إن "الجميع متفقون على أن الخطوة التالية يجب أن تكون اتخاذ مسار عقوبات الأممالمتحدة". والأهم أن بايدن حدد موعدا لخروج نظام العقوبات وهو "نهاية هذا الشهر (أو) بداية الشهر القادم." وروسيا عندما تحدثت عن عقوبات على طهران أرجعت الأمر إلى "المقاومة العنيدة وعدم رغبة القيادة الإيرانية في الاستجابة للنداءات الدولية"، وهو ما يوضح بجلاء أن سبب الأزمة النووية الإيرانية التي تلقي بظلالها على المنطقة يعود قبل كل شيء لتعنت القيادة الإيرانية في التجاوب مع العروض الدولية لإيجاد مخرج ينهي الخلاف حول هذا الملف. والأسوأ أن طهران في وقت كهذا تقوم بإجراء مناورات عسكرية موجهة رسالة سلبية للمجتمع الدولي حول أي تغيير في موقفها، ومثيرة القلق بين دول المنطقة حول الهدف من هذه المناورات في الخليج العربي والعدو الذي من المفترض أن هذه القطع العسكرية التي تمخر مياه الخليج ستكون موجهة ضده. لقد نادت الدول العربية طويلا بحل سلمي للملف النووي الإيراني وأيدت حق طهران في الاستعمال السلمي للطاقة النووية، كما أن المجتمع الدولي عرض أكثر من حل لإنهاء الخلاف النووي مع طهران لكن كل هذه النداءات لم تجد آذانا صاغية لدى النظام الإيراني، وهو ما يثير التساؤل حول حقيقة هذا البرنامج وأهدافه، وعلى إيران أن تبادر إلى التجاوب بوضوح مع جهود المجتمع الدولي بدلا من أن تسير بعناد في طريق قد يجر عقوبات ربما تتلوها مواجهة لا يريدها احد.