كان عليّ، بعد أن اطلعت على الطعن بالاستئناف ضد قرار صدر عن اللجنة الجمركية الابتدائية سنة 1393ه، وبعد مطالعة الأوراق والمداولة، أن اكتب قراراً بتأييد القرار الصادر، القاضي بالمصادرة والاتلاف مع الغرامة المالية في قضية موضوعها، وصول إرسالية من الخارج تحتوي على ورق اللعب (كوتشينة) تبلغ كميتها (565) دزينة، باعتبار هذه الأوراق من الممنوعات غير المسموح ادخالها طبقا للائحة التنفيذية لنظام الجمارك. * وجدت نفسي مضطرباً، محتاراً وأنا غارق في كتابة الأسباب الموجبة، فالكوتشينة المحرمة، كانت في نظري وفي عرف المجتمع، إلى وقت كتابة القرار، من وسائل اللهو البريء، في مجتمع لم يكن لدى كباره وصغاره وسائل ترفيه، وهي تباع علنا في الأسواق في طول البلاد وعرضها، وهي أداة اللعبة الشعبية (البلوت) التي يزاولها كبار القوم وصغارهم وربما فاقت شعبيتها عندنا كرة القدم، غدت بقوة القانون شيئا محظوراً، يثاب تاركها ويأثم لاعبها. * حاولت أن اجتهد على نحو ما يفعل القضاة العظام عندما يصطدم النص مع العرف العام، علَّني أجد مبرراً ينجي صاحب البضاعة من هدر ماله، ولا يحرم شعباً بكامله من لعبة يحبها، ويقي البلاد والعباد شر تهريب من نوع جديد. ولكني اصطدمت بقاعدة، لا اجتهاد مع نص صريح في اللائحة التنفيذية لنظام الجمارك، فاستعذت بالله من الشيطان الرجيم وسألته العفو والعافية، وأخذت أردد بصوت مسموع العبارة: اللائحة التنفيذية ظالمة، ولكنها قانون!!