يبدو ان الحديث عن جوهر الشخصية وربطه بالقدرة على تحمل المسؤولية جعل البعض ينصرف إلى التفكير في البحث عن السمات الشخصية الأخرى، بينما الأمر كان منصبا على أبرزها (تحمل المسؤولية)، التي يعدها الكثيرون المفتاح للحكم على الشخصية في كل مراحل الحياة وتزداد تجسيدا عندما يكون المرء على هرم أحد الأجهزة القيادية فان لم تتوافر في شخصيته السمات القيادية وعلى رأسها القدرة على تحمل المسؤولية فانه يلجأ إلى أساليب ملتوية وغير مرغوب فيها على الاطلاق، على سبيل المثال قد يلجأ إلى سياسة (فرق تسد)، وقد يستعدي السلطة على خصومه، وبعضهم يلجأ إلى التنصل من المسؤوليات الموكلة إليه ويرمي بها على الآخرين، يتخذ من شروحاته على ما يقدم له وسيلة لابعاد شبح المسؤولية عنه، يلجأ إلى الاخذ بالاحوط الذي يحمي ظهره دون النظر إلى النتائج الوخيمة المترتبة على المؤسسة المؤتمن عليها، وهنا أريد ان اتوقف قليلا لاضرب مثلا من الواقع، فمن المعلوم ان الأنظمة تقضي بترسية المناقصات على أقل العطاءات، فهل يلزم المسؤول مؤسسته بهذا النظام إذا كان يعرف مسبقا ان هذا العطاء أقل من سعر التكلفة، إذا كيف يمكن للمقاول ان يوفي بما التزم به، أما الشواهد على من قبل بالعطاءات الهزيلة فهي كثيرة جدا واضرارها تتعدى الجهات التي أوكلت إليها التنفيذ إلى أفراد المجتمع، فإذا كان العمل ممن يصنف ضمن الخدمات العامة كالانفاق والكباري والطرقات ومشاريع الماء والكهرباء والصرف الصحي والتقنيات بما يستلزم حفريات وتمديدات وغيرها وقد تغلق الطرق أو المسارات وتسبب اختناقات وربما حوادث مرورية وقد ينجم عنها خسائر في الأرواح والممتلكات، فان ذنب المتسبب يتعاظم لو أسند هذه المهمة لغير القادرين وفيها تعطيل لمصالح المجتمع يلام عليها من الله سبحانه ثم من الناس الذين وقع عليهم الضرر، فهنا يكمن جوهر الشخصية في القدرة على تحمل المسؤولية ذلك ان ايقاع الأذى على نفسه (ان كان هناك أذى) خير من ايقاع الأذى على عدد كبير من الناس من خلال اقراره بتطبيق النظام حرفيا في سبيل حماية نفسه، فأي شخصية قيادية هذه؟ وكيف نأتمنه على أمور أخرى. لقد خيَّر الله الإنسان على سائر الكائنات الأخرى بالفعل وحمله الأمانة، فان لم يوظف العقل لتحقيق نفع عام والحرص على الوقاية من الأضرار قبل وقوعها عندها لا يستحق ان يكون إنسانا، ومن لا يستحق ان يكون إنسانا، هل يجدر بنا ان نوكل إليه شيئا؟!