يُذكر أن رجلاً من أهل حلب يسمى «علي بن منقذ» فر هارباً خشية أن يبطش به حاكمها آنذاك محمود بن مرداس لخلافٍ نشبَ بينهما ، فأوعز حاكم حلب إلى كاتبه أن يكتب إلى ابن منقذ رسالة يطمئنه فيها ويستدعيه للرجوع إلى حلب ، ولكن الكاتب شعر بأن حاكم حلب ينوي الشر بابن منقذ فكتب له رسالة عادية ولكنه أورد فيها «إنَّ شاء الله تعالى» بتشديد النون ... فأدرك ابن منقذ أن الكاتب يحذره حينما شدد حرف النون ويذكره بقوله تعالى «إنَّ الملأ يأتمرون بك» فرد أبو المنقذ برسالة إلى الحاكم يشكره فيها وختمها بعبارة «إنَّا الخادم المقر بالإنعام» ففطن الكاتب إلى أن ابن المنقذ علم ما يكاد حوله ويطلب منه التنبه إلى قوله تعالى «إناَّ لن ندخلها أبداً ماداموا فيها» ومن هنا أصبح استخدام «إنَّ» دلالة على سوء النية. لست من خبراء علم النحو والصرف ، ولا أتذكر من علم إنَّ وكان وأخواتهما إلا ما تعلمته في المرحلة الإعدادية والثانوية ، وأكاد أجزم أن ما فعلته شركة المياه الوطنية بصديقي الشهر الماضي موضوع فيه «إنَّ» حيث أصدرت غرامة مالية بسبب قيامة بغسيل «فناء منزله» وعللت ذلك بأنه إهدار للمياه. لم يترك صديقي هذا الموضوع يمر مرور الكرام بل سارع بمراجعتهم لتسجيل اعتراضه على تلك الغرامة ، حيث أفاده الموظف المسؤول بأنها صدرت بسبب قيامه بهدر واستهلاك كميات مياه تفوق المعدل المسموح به، وعند سؤاله هل هناك مقياس تستند إليه شركة المياه الوطنية لتحديد نسبة الاستهلاك وتحديد المهدور منها ؟ وهنا أوضح الموظف بأنه ليس هناك معايير للقياس بل إنها تقديرات جزافية من قبل المراقبين القائمين على ذلك. وعندما أبلغه بأن استهلاكه يعتمد بنسبة تقارب من (80 %) على شركات المياه الخاصة باغته الموظف «إن هذا لن يغير من موضوع الغرامة شيئاً»، حينئذ اشتعل صديقي غضباً وأبلغه برفضه السداد ، فأجابه الموظف بأنهم سوف يضطرون إلى قطع المياه عن مسكنه ومن ثم إلغاء العداد وأنَّ عليه الإسراع بتسديد الغرامة لأنها من تشريع الشركة الفرنسية القائمة على إدارة وتشغيل الشبكات ... وقتها تيقن صديقي أن الموضوع فيه «إنَّ» وأن عليه الرضوخ وسداد الغرامة .. ونما إلى علمه بعدها أن الكثير من سكان الحي ذاته طُبقت عليهم غرامات مماثلة وبدون وجه حق. همسة : لقد تم تأسيس شركة المياه الوطنية للمساهمة في توفير المياه للمواطنين ومد الشبكات ومن غير المنصف أن تقوم الشركة المشغلة بزيادة تدفقاتها النقدية من خلال فرض غرامات غير منطقية لا تستند إلى معايير وأسس واضحة... فهل من مجيب ؟!