يخطئ تماما كل من يعتقد بإمكانية التوصل إلى حل سلمي مع إسرائيل عن طريق المفاوضات المباشرة أو غير المباشرة. إسرائيل كيان توسعي استيطاني فضلا عن كونه عنصريا. وكيان بهذه المواصفات لا يمكن أن يكون السلام خيارا استراتيجيا بالنسبة إليه، فالتوسع والاستيطان لا ينتجان إلا عن الحروب والاعتداءات وسرقة الأرض بالإكراه وبوضع اليد. هل سمعتم في الدنيا عن لص يقبل بأن يعيد ولو جزءا من الحقوق إلى أصحابها، إيمانا منه بضرورة تحقيق السلام؟! إسرائيل هي قاطع طريق يتنكر في زي دولة، وقطاع الطرق لا يعترفون بالحلول السلمية لحل نزاعاتهم مع ضحاياهم. لقد كانت إسرائيل ولا تزال، الدولة الوحيدة التي ليس لها حدود نهائية منذ إقامتها قبل حوالى 61 عاما وحتى الآن. ولقد ابتلعت إسرائيل خلال هذه العقود الستة أضعاف المساحة التي اعترفت لها بها الأممالمتحدة، فتوسعت على حساب جيرانها ولم تكتف باحتلال الأرض بل قامت باستيطانها. وهذا هو معنى التوسع الذي لا حدود له ولا سقف ينتهي إليه. كل قطعة أرض عربية تفتقر إلى التحصينات الدفاعية اللازمة هي هدف مشروع بالنسبة لإسرائيل، وكل شعب عربي أعزل هو هدف لممارسة سياسة الإبادة الجماعية الإسرائيلية التي شاهدناها بوضوح من خلال آخر حربين إسرائيليتين في كل من لبنان وغزة. إن إسرائيل لم تكن يوما دولة بالمعنى المتعارف عليه لمصطلح الدولة القومية الحديثة. إسرائيل هي نتاج الأيديولوجيا الصهيونية المستمدة من الفكر الديني المتطرف من جهة، بالإضافة إلى العقلية الاستعمارية الغربية من جهة أخرى. وهذا يعني أن إسرائيل كيان لا يعترف سوى بلغة القوة. وبالنسبة للمجتمع الإسرائيلي، فقد كانت العسكرة ولا تزال السمة الأبرز التي يتميز بها هذا المجتمع.. فإسرائيل جيش يمتلك دولة لا دولة تمتلك جيشا. إن قوانين التجنيد الإسرائيلية التي ليس لها مثيل في كل دول العالم بالإضافة إلى تسليح المستوطنين، هي أكبر دليل على أننا نتعامل مع حالة دولية فريدة تعتبر أن الحرب هي القاعدة وأن السلام هو الشذوذ. وكيان كهذا لا يمكن أن يختار السلام خصوصا إذا ما كان مدعوما بشكل مطلق من قبل أكبر قوة على مستوى العالم. إسرائيل لن تعطي السلام العادل ولن تقبل بأقل من الاستسلام الكامل.