الجدل الذي دار حول تصريح ومبادرة معالي وزير الثقافة الإعلام الدكتور عبدالعزيز محي الدين خوجة، بأن الوزارة لا تمانع من أن تتقلد المرأة السعودية منصب رئيسة تحرير صحيفة يومية، يجبرني كصحفية بأن أبدي رأيي الذي ربما يختلف عن كثير من الإعلاميات والإعلاميين وكل المنتمين لمهنة المتاعب.. حيث إنني أؤمن وبقوة بضرورة أن تحظى المرأة بأعلى المناصب في جميع المجالات وليس فقط منصب رئيسة تحرير صحيفة ، بشرط أن تكون على أساس كفاءتها وقدرتها وليس نوعها. بداية يجب أن ندرك أن منصب رئيس تحرير صحيفة يومية ظل لفترة طويلة حكرًا على الرجل ولازال ، فلماذا لا تزال هناك صفة الهيمنة (الذكورية) على مناصب رئاسة التحرير بالذات مقرونةً بالاستفادة المادية والمعنوية ، في حين أن المرأة السعودية الصحافية المؤهلة لا تحظي بأدنى اهتمام..؟ ولو قلنا عبثا أفسحوا المجال لترشيح المرأة والانتخاب على كرسي رئاسة التحرير بدون الخروج عن الإطار العام والمألوف من خلال التصويت على مستوى المؤسسة الصحفية، لكانت النتائج أعدل وأتم وفي نفس الوقت متباينة ومرضية للجميع. إن منصب رئيس أو رئيسة تحرير صحيفة لا بد أن تتوفر فيها القدرة والكفاءة والجدية بدرجة كبيرة، ونحن حينما نتحدث عن هذا النوع من المناصب الحساسة فإننا نتحدث عن كيان مؤسسة صحفية وليس منصباً إدارياً أو تشريفياً فقط ، بل إن مجالس إدارة الصحف ومساهميها ينظرون بعين الاعتبار والحذر لأسم مرشح رئيس تحريرها ومقدار خبراته وتوجهاته الفكرية حتى لا تفقد الجريدة حصتها في السوق الإعلامية وخاصة في ظل هذه الظروف والمتغيرات والتحديات الجديدة.. وبناء عليه فإن اختيار سيدة سعودية لن يكون أمراً سهلاً على هذه المؤسسات الصحفية التي تنشد في المقام الأول الربح المادي ، فلابد أن ننظر بعين بصيرة لا مبصرة لمبادرة الدولة عبر تصريح معالي وزير الإعلام ومن منظور آخر.. وهو التمكين والسماح للمرأة السعودية في المؤسسات الصحفية بالتدرج الوظيفي.. بمعنى أن لا يكون فقط منصب مديرة تحرير قسم نسائي هو أعلى سقف تصل إليه المرأة في المؤسسات الصحفية ، بل لابد من أن ُتمكّن وتتاح لها عدّة مناصب أساسية كخطوات تمهيدية مثل مديرة تحرير محليات -اقتصاد - سياسة.. الخ، ومن ثم ُتمكّن من أن تقود فريقاً من المحررين والمحررات.. بعدها وحسب الكفاءة والجدارة والقبول يمكن أن ُتهيأ بالإنابة أو التكليف لشغل منصب نائب رئيس تحرير كخطوة أساسية، ومن ثم تكلف بمنصب رئيس تحرير ان اثبتت كفاءتها. إن التفكير المنطقي والسليم سيقود أي صحيفة للوصول إلى قرار ترشيح وتعيين سيدة كرئيسة تحرير.. إن تم الاستثمار الفعلي فيها وإعطاؤها التدريب اللازم للتأهيل ولإظهار قدراتها المهنية ومهاراتها بشكل جيد.. وليس فقط اللعب على المبادرة والسبق في تعيينها لتصبح إطارا يحدد الرجل ما يوضع في داخله ، فالدليل المطلوب على نجاح الدور المهني لرئيس التحرير (الرجل) هو تمكين المرأة في أن تكون خلفا له.. وأخيرا.. إن تبوؤ الصحافيات السعوديات أعلى المناصب الإعلامية هي مسألة وقت.. وهو آت لا محالة.. بإذن الله.