* في محكية أهل الحجاز، مفردةٌ بالغةُ الدهشة والدقة في آنٍ معاً.. هي (الزُمبة).. وتعني الوشاية الكاذبة، أو الطعن من الخلف.. إما بهدف التقرب من القيادات وصولاً إلى مراتب أعلى!.. أو لمجرد تخليص حسابِ شخصي من أحد الغافلين بطريقة غادرة!.. أو للهدفين معاً!.. أما (الزُمبجي) وهو اسم الفاعل من (زُمبة).. فتعني (المتسلق).. غير أن مصطلح (الزمبجي) يبدو أكثر دقة عندما يضفي على حامله دلالات أكثر عمقاً في اتجاه صناعة النفاق والكذب والوقيعة. * واذا كان المتسلق أو (الزمبجي) يمثل حالة كارثية، ونموذجاً لا أخلاقياً في أي مكان يتواجد فيه.. فإن الكارثة تزداد بشاعةً عندما يلبس قميص الدين متخذاً منه مطية لتحقيق مصالحه.. تماماً ك (القيطون) حينما يُسبّح استعداداً للسرقة!..فيُظهرُ التقوى والحرص على المصلحة العامة، بينما يتوجه في الخفاء إلى قيادات العمل ببلاغات كاذبة ضد زملائه.. إما شفاهةً أو من خلال تقارير سرية، مستغلاً شغف بعض رؤساء الإدارات بمعرفة الصغائر، اعتقادا أن ذلك يمكنهم من فرض هيمنتهم على إداراتهم.. والمؤسف أنهم غالبا ما ينجحون في ألاعيبهم.. فيتسنم آحادهم مهاماً (إشرافية) ليس كفؤاً لها..وهنا يزداد الأمر سوءً وخطراً.. أولاً بتنامي دوره وزيادة نفوذه!.. وثانياً بتورطه في أمور فنية لا يجيدها.. فيبدأ مسلسل هجومه على الآخرين بالازدياد، خوفاً من انكشاف جهله، وحفاظاً على مركزه غير المستحق!. * أفضل من رسم شخصية (الزمبجي المتسلق) هو الكاتب الكبير موسى صبري في روايته الشهيرة (دموع صاحبة الجلالة) من خلال شخصية (محفوظ عجب) تلك الشخصية السيكوباتية التي كانت تظهر البراءة والوطنية، في الوقت الذي كانت تلعب في الخفاء على كل حبائل المُكر والخديعة في سبيل الوصول إلى غاياتها.. فلم يتورع (عجب) عن تدبير المكائد لذويه، وأعز أصدقائه، وصولاً إلى تلفيق التهم وإدخالهم السجون!. والمؤسف أن هذا النموذج (العجبي) تحول من مجرد حالة إلى ما يشبه الظاهرة.. وفي هذا التحول إشارة لاختلال المعايير وغياب الضوابط والمقاييس الموضوعية عند اختيار الشخصيات القيادية مما أدى لوصول بعض العناصر (الطفيلية)- التي تعاني من مركبات نقص وعقد نفسية- من خلال التفافهم المشبوه حول بعض القيادات، والتقرب لهم من خلال التشكيك في نزاهة الآخرين!. * يؤكد الكثيرون أن شخصية (محفوظ عجب) التي رسمها موسى صبري باقتدار، هي شخصية حقيقية.. ومع أني لا أستطيع الجزم بذلك.. إلا أنني أؤكد لكم وجود الكثيرين من أمثاله.. وللتعرف عليهم.. يكفي ان تلتفت حولك.. مع أمعان النظر قليلاً.. وسترى حتماً هذا ال (عجب)! [email protected]