يسارع العديد من الناس رجالا ونساء عند ظهور بعض علامات الشيخوخة على وجوههم إلى إخفائها بطريقة أو بأخرى، فكانت في الماضي بوضع بعض أنواع الماكياج، ثم تطور الأمر للخضوع إلى العمليات الجراحية التجميلية، أما الآن فيلجأ الكثيرون إلى استخدام منتج دوائي يعمل على محو الخطوط والتجاعيد بمجرد حقن هذه المادة في المكان المراد إزالة الخطوط منه. لكن السؤال: هل يزيل هذا المنتج هذه الخطوط فعلا؟ وإذا كان يزيلها فما الطريقة التي يعمل بها؟ وما مكونات هذا المنتج؟ وهل يستحق الأمر إخضاع جسم الإنسان إلى تأثيره؟ وماهي أضراره؟ تم استخلاص مادة تسمى البوتولانيم توكسين من بكتيريا تم اكتشافها عام 1897م من قبل عالم بلجيكي يسمى فان ابرمنجان، وقد لاحظ العلماء في بداية تجاربهم أن مادة البوتولانيم تسبب انبساطاً في العضلات المسببة للتجاعيد عند علاج حالات تقلصات جفون العين اللاإرادية، وأدت هذه الملاحظة إلى انتشار استخدام التركيبة في علاج التجاعيد انتشارا سريعاً ومذهلاً في السنوات الأخيرة. وإذا أردنا إجمال القول حول طريقة عمل هذه المادة نقول: إنها تعمل على منع وصول الإشارات الكيميائية العصبية المرسلة من الدماغ لكي تنقبض العضلة، وبالتالي لا تنقبض العضلة المحقونة بالمادة. وهذا يعني أن حقن كميات كبيرة من مادة البوتوليوم تعمل على شل العضلات التي تساعد وتتحكم بالتنفس، مما يؤدي إلى الوفاة. مجالات الاستخدام لتلك التركيبة استخدامات متعددة في مجالات الجلدية والتجميل ومنها إزالة التجاعيد التعبيرية والتخلص من التعرق الزائد، كما يمكن إشراكه كمكمل مع بعض العمليات الجراحية كشد الوجه ورفع الحاجبين وليزر التقشير وحقن الكولاجين والدهون، وذلك عن طريق حقنها خلال عشر دقائق بإبر رفيعة جدا غير مؤلمة ومن دون مخدر موضعي إذ إن مفعول البوتكس يبدأ خلال ثلاثة أيام ويستمر 4 إلى 6 شهور، ويمكن تكرار الحقن بعد 6 شهور. ويتم حقن البوتكس في مناطق مختلفة من عضلات الوجه التي تظهر عليها التجاعيد نتيجة الحركة المتكررة الناتجة عن العبوس أو رفع الحواجب أو التحديق، مع العلم أن الخبراء يؤكدون بأنه لا يجوز اعتبار تلك المادة علاجا لأي نوع من أنواع التجاعيد، إذ لا يمكن لتلك التركيبة أن تخفي العلامات والتجاعيد الناتجة عن التعرض لأشعة الشمس الضارة، أو التدخين، أو الوراثة. كما لا يجدي نفعا استخدامها لإزالة التجاعيد حول منطقة الفم. محاسن ومساوئ من الأمور التي تستهوي كثيرا من الناس في تلك التركيبة مفعولها السريع وعدم تطلبه وقتا للشفاء، إذ من الممكن أن يستأنف متلقي الحقنة أنشطته اليومية على الفور، ولا يتطلب الأمر الخضوع لتخدير كامل وقد يستخدم بعض الأطباء التخدير الموضعي للتقليل من انزعاج بعض المرضى من الحقنة. وبالمقابل فإن علاج الجلسة الواحدة يعتبر مكلفا، خصوصا أن المريض يحتاج إلى إعادة استخدامه كل 3 إلى 6 أشهر ليستمر مفعوله، إلى جانب أن هناك- وكأي إجراء طبي- مجموعة من المخاطر والتي تتمثل في أن حوالى 3% من متلقي العلاج يصابون بجفون متدلية، وهي مشكلة مهمة وإن كانت مؤقتة. كما يصاب 1% من المرضى بصداع بعد حقن المادة في الجبين أو بين الحاجبين. ومن الأعراض الجانبية والمشاكل المؤقتة التي يمكن أن تصيب المرضى أيضا الابتسامة المائلة. أو سيلان المادة حول الفم، أو التهاب في الجهاز التنفسي أو الغثيان أو أعراض تشبه الأنفلونزا، أو الاحمرار أو الانتفاخ، أو ظهور الكدمات مكان الحقن. بالإضافة إلى ذلك فإن الاستخدام السيئ والحقن الخاطئ لمادة البوتكس قد يظهر الوجه مثل القناع؛ بحيث لا يظهر على الوجه أي تعبير طبيعي أو معتاد، وقد يظهر الوجه كأنه مشلول الحركة. قد تكون بعض الخطوط مزعجة بالنسبة لبعض الأشخاص ولكن السؤال الأهم: هل التجاعيد مؤذية لهذه الدرجة؟ لدرجة تضطرنا إلى إخضاع جسمنا لتلك التركيبات واحتمالات الضرر المتعددة؟ وهل الأمر يستدعي وضع أنفسنا في خطر شلل أو فقدان تعابير وجهنا؟ الحقيقة أننا يجب أن نعتبر تلك التجاعيد والعلامات جزءا من شخصيتنا التي كبرت ونمت مع مرور الزمن. عائشة طيب مشني مركز معلومات الدواء بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث