عندما وقعت كارثة سيول جدة وما تبعها من تداعيات محزنة كانت القيادة في قلب الحدث بشفافية وصدق وأمانة ووضوح منهجها في ذلك مسؤولية الراعي تجاه الرعية ومضت تعالج الأمر وتضمد الجراح وتستقصي جذور المشكلة وتحلل أبعادها لتضع العلاج الشافي والمنهج السليم . وكان من أوائل القرارات التي اتخذت بالتزامن بعد احتواء المد الأول من الكارثة على المستويات الإنسانية والمعنوية والمادية بالإجلاء والإسكان للمتضررين وتوفير العلاج وانتشال الجثث والبدء في إصحاح البيئة وجبر الضرر المادي فوراً . وكان من أوائلها أيضاً الأمر الملكي السامي بتشكيل لجنة عليا للتحقيق في أسباب كارثة سيول جدة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة وعضوية تسعة مندوبين من الجهات ذات العلاقة للتحقيق في الكارثة وما نتج عنها من وفيات وأضرار على المنشآت والممتلكات واتخاذ القرارات اللازمة .. وينطلق منهجها من شفافية خادم الحرمين الشريفين في الأمر الملكي وهو يقول حفظه الله : «إن اللجنة مطالبة بالتصدي لهذا الأمر وتحديد المسؤولية فيه والمسؤولين عنه جهات أو أشخاص ومحاسبة كل مقصر أو متهاون بكل حزم دون أن تأخذها لومة لائم تجاه من ثبت إخلاله بالأمانة والمسؤولية الملقاة على عاتقه والثقة المناطة به» . وأكد المليك في الأمر الكريم «أنه لا يمكن إغفال أن هناك أخطاء أو تقصيرا من بعض الجهات ولدينا الشجاعة الكافية للإفصاح عن ذلك والتصدي له بكل حزم ، فهؤلاء المواطنون والمقيمون أمانة في أعناقنا وفي ذمتنا» . من هنا وعبر هذه البوابة بدأت اللجنة عملها واستحثت الخطى وهي تحقق وتتقصى وتنفذ أوامر المليك المفدى بجبر الضرر عبر لجان مؤهلة واصلت الليل بالنهار حتى تزيل آثار الكارثة وتعيد الأمور إلى نصابها .. ولم تجامل أو تحابي وهي تحقق في شبهات الفساد ومواطن الزلل الذي قاد إلى الكارثة بعدل ومصداقية وبدون أخذ الناس بالشبهات .. ورفع سمو أمير منطقة مكةالمكرمة تقرير اللجنة وما توصلت إليه إلى المليك المفدى بناء على التكليف الملكي بالتقصي في أسباب الفاجعة . لقد أنجزت اللجنة مهامها في وقت قياسي وأكدت بما لا يدع مجالا للشك أن لا كبير فوق القانون وأن الناس سواسية في الحقوق والواجبات وبمثلما يكافأ المنجز يعاقب المقصر والذي يطال تقصيره الناس ويحدث خسائر مادية وبشرية . لقد وعدت القيادة بالمحاسبة انطلاقا من واجبها الشرعي في توفير الطمأنينة للمواطن والمقيم وعدم تعريضهما للأذى أو الأخطار وأوفت بوعدها حين عوضت ودعمت وواست المتضررين ولم تقف عند هذا الحد بل بحثت في جذور الكارثة وأسباب الخلل لتضع اللجنة الحلول حتى لا تتكرر المأساة .