قال عبدالحفيظ الحطامي كاتب إعلامي وباحث في مشاكل الطفولة والتهريب باليمن الشقيق إن الفقر والتشرد وكثرة الإنجاب والطلاق وتعدد الزوجات مع عدم القدرة على تحمل النفقة والأمية وغيرها من الأسباب التي دفعت بأسر ضحت بأطفالها ودفعت بهم خلف الحدود الشائكة .. وآخرون وقعوا في شراك عصابات التهريب ، والبعض وقعوا في فخ الشائعات عن أطفال عادوا بالسيارات والتجارة من السعودية .. ليكتشفوا بعد ذلك ان هذه الأحلام تستحيل سرابا ويتحولون إلى ضحايا لعصابات تتسول وتتاجر بهم وحين تسمع أنين هؤلاء الأطفال وبكاءهم أثناء وبعد الترحيل وما يعانونه من أعمال شاقة تسحق طفولتهم.. فهم يتعرضون للموت وتتخطفهم الرصاص والأسلاك الشائكة والأفاعي وتنطفئ أنفاسهم جوعا وعطشا في طرق موحشة وصحراء لافحة .. والنتيجة اغتصاب أو إعاقات أو سجن وترحيل والأرحم من ذلك في أحداق هؤلاء البراءة الموت .. قصص وحكايات تبعث على الرعب والتقزز تطال أطفالا اجبروا على التخلص من أنفسهم مبكرين فيما يشبه الانتحار.. لا شيء دون حلمهم بالغربة التي صارت بالنسبة لهم وطنا يفرون من جحيمه إلى طرق محفوفة بالموت .. هكذا يبدو المشهد موحشا لدرجة تصرخ فيه المنظمات والمراكز والصحافة والتقارير والأرقام والنسب وكأن لا شيء يحدث في هذه البلاد.. لا تزال عذابات الطفل القادم من ريف حيس بمحافظة الحديدة أنموذجا لصرخات آلاف الطفولة الموءودة بصمت .. كان عمره في السابعة فقد والديه ليتولى أمر شقيقاته الثماني، استدرجه احد المهربين ووعده بحياة كريمة من خلالها يستطيع ان يعول شقيقاته .. ضبط الطفل محمد قبل ان يتمكن المهرب من تهريبه وهناك في المركز الإيوائي بحرض كنا نستمع إلى الكارثة المؤلمة يحكيها موظفو المركز فحينما كنا نحاول إعطاءه مبلغا من المال كان يصرخ أريد العودة إلى أخواتي كان يبكي بمرارة وحين اتصل بشيخ منطقته تأكد فعلا انه كان يعول شقيقاته اليتيمات .. ومثله ابن وادي سهام وابن ريف المحويت والقادم من برع وحجة وإب والعدين ووصاب وعتمة .. صور لأطفال تتداخل المعاني والقيم والصور يبدو كل شيء معتما حينما يتعلق الموضوع بطفولة بدل ان تكون فاتحة للوطن يحولها الإهمال والفقر إلى عاهة اجتماعية.