* تطرق أحد الزملاء في مقال نشر في هذه الصحيفة إلى موضوع قديم متجدد يشكل هاجساً ومعاناة لعدد كبير من المواطنين، ولم يجد الحل المناسب حتى يومنا هذا.. وهو السكن الخاص والذي لا يتوفر حالياً لحوالى 80% من المواطنين.. ويتطلب علاجاً حاسماً قبل تفاقم الأمر بزيادة عدد السكان وارتفاع الأسعار. * لكنني تمنيت لو أن الزميل لم يذكر العبارة التي جاءت في خاتمة مقاله وهو يتحدث عن معاناة المواطنين الراغبين في بناء مساكن خاصة عندما قال: (مما يدفع الكثير إلى ارتياد الطرق غير الشرعية للحصول على ما يحققون به أحلامهم...) وكأنه يقول (الغاية تبرر الوسيلة). * إن ما يكتب وينشر في الصحافة وغيرها يقرأه المثقف والجاهل وما بينهما وأن مثل تلك العبارة قد تدفع بعض ضعفاء النفوس لارتياد هذه الطريقة غير الشرعية وغير الأخلاقية.. وقد يحسبون ما جاء في المقال سبباً لتبرير الأفعال التي يعاقب عليها الشرع والقانون، وترفضها التربية والأخلاق الفاضلة. * وإذا كان لابد من ذكر مثل تلك العبارة فإن من المستحسن أن تكون موجهة لضعفاء النفوس.. كان يقال: قد يدفع بعض ضعفاء النفوس للحصول على مال يحققون به أحلامهم... * كلنا نعلم بأن هناك أفراداً وأسراً يعيشون تحت درجة الفقر.. ولكن نفوسهم وقاماتهم بقيت عالية بفضل التربية والأخلاق الدينية والوطنية في مجتمعنا النظيف ممن قال الله سبحانه وتعالى فيهم (يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً) ويجب تحفيزهم للاستمرار في هذا النهج وهذه المثل والقيم، لا الحد منها أو إصابتها بالعطب والخلل، وأن ضغوط الحياة مهما قست لا تؤثر في أخلاقيات من تأسسوا على القيم والأخلاق الفاضلة وإلا أصبحوا أشخاصاً بلا هوية إنسانية. * صحيح أن صندوق التنمية العقاري أصبح اسماً بلا مسمى.. وفقد فعاليته منذ أن بدأ في تأجيل صرف القروض لأكثر من عشر سنوات من تقديم الطلبات مع اشتراط توفر الأرض في موقع سكني وبقائها فارغة طيلة سنوات انتظار القرض.. وبقاء مبلغ القرض على ما كان عليه عند بداية عمل الصندوق قبل أكثر من ثلاثين عاماً والذي أصبح غير كاف لبناء ربع مسكن خاص متواضع.. وعند صرف القرض بعد مدة الانتظار تكون قيمة الأرض أضعاف مبلغ القرض.. فأي معادلة منطقية تقول بأن قيمة الأرض تكون أكثر من تكاليف البناء؟! لذلك لابد من إعادة تفعيل الصندوق بالنسبة لمدة الانتظار ومبلغ القرض ليكون مناسباً وكافياً للبناء أو إعلان إقفاله وإيجاد البدائل الأكثر فعالية. * وصحيح أن البنوك الوطنية وبعض التجار ورجال الأعمال الميسورين مقصرون بحق الوطن والمواطن وهم يحظون بكل الدعم والتسهيلات غير المتوفرة لنظرائهم في الدول الأخرى.. ولا أحد يطالبهم بتقديم هبات لأن المواطن السعودي يرفض ذلك وتأبى نفسه من قبوله.. لكننا نطالبهم بالقيام بواجباتهم الوطنية مع تحقيق الأرباح المعقولة تحت بند لا ضرر ولا ضرار، وسوف يجنون بذلك أرباحاً كثيرة بفعل تدفق الطلبات تحت عنوان النظرية التجارية (الربح القليل مع البيع الكثير أفضل من الربح الكثير مع البيع القليل). * يقولون بأنهم يحتاجون لضمانات أكيدة لاستعادة حقوقهم وهذا بحسب قولهم غير متوفر حالياً.. لكن يجب أن لا نتوقف عند العقبات ونجعلها ذريعة للتهرب من الواجب الوطني إذ بإمكان البنوك ورجال الأعمال وضع الشروط الملزمة شرعاً وقانوناً لضمان حقوقهم (العقد شريعة المتعاقدين) كما يجب على محاكمنا العامة تفعيل أنظمتها وبنودها للتعامل مع هذا الجانب بما يكفل كل الحقوق.. فهل نأمل خيراً.. وبالله التوفيق .