كي لايعصف بنا الفرح، ويطمر القضية الأصلية، التي تفجر كل هذه المشاكل في الأندية الأدبية، والتي عانت من المماطلة كل هذه السنوات ، منذ استقر رؤساء الأندية الأدبية على كراسيهم، بقرار التعيين في عهد د/ عبد العزيز السبيل، الذي ترك الوزارة بينما هم لايزالون بأبواب الأندية الأدبية وقابضون على مفاتيحها في أيديهم. لا بد من قراءة جديدة لحادثة نادي أدبي الباحة أو الرباعي أو المساعد فالقضية يمكن أن تسمى بأحد أضلاع المثلث وهذا ليس مهماً، لكن المهم، هو أن هذه الحادثة يمكن أن تتكرر بأكثر من وجه، لأن تشكيل مجالس إدارات الأندية الأدبية بالتعيين أو الانتخاب الصوري هو أس المشكلة، وانه قدم الأندية هدية لعدد من الأفراد بغض النظر عن مؤهلاتهم أو مواهبهم أو قدراتهم إلا أنه قدم لهم المكان الذي لا بد أن يكون للجميع. عندما حدث التغيير في ذلك العهد هلل الجميع ظناً منهم أن التغيير بذلك الشكل المبهر والاستعراضي، سيحدث نقلة نوعية في أداء الأندية الأدبية وفعالياتها وآليات اتصالها بالمثقفين والأدباء في محيطها وإثرائها المعرفي للمجتمع الذي أنشئت من أجله، لكن لاشيء حدث غير جملة من المشاكل تفجرت هنا وهناك بشكل ميلودرامي، بعضها وصل إلى أذن وعين الإعلام وبعضها استطاع رئيس النادي بعلاقاته وصلاته مع مسئولي الصفحات والملاحق الأدبية تحجيمه أو حجبه نهائيا، بمباركة من الوزارة في ذلك العهد كي يستمر رونق قرارها وحكمة اختيارها لرؤساء الأندية وأعضاء مجالس إدارتها، الذين تضرر كثير منهم لكن لم يكن أمامهم خيار غير الاستمرار والرضوخ للأمر الوقع أو الاعتذار والانسحاب، لأن الطريق الثالث وهو الدفاع عن الحق،السمة الخاصة بالمثقف، كان طريقا مغلقا آنذاك، لأن مجرد الكتابة حول المشاكل تعني نقد الوزارة والمسئولين فيها وهو أحمر بالخط العريض في الصحافة المحلية في ذلك الحين، كما أنك لا تستطيع الوصول إلى مسئول إلا بطلوع الروح، لكن ذلك العهد أنقضى مع عهد الوزير المثقف الإنسان د/ عبد العزيز خوجة ، لأنه ببساطة متاح في أي وقت وعبر أكثر من وسيلة اتصال. أقول ذلك عن تجربة شخصية، وهو كل يوم يثبت أنه يتمتع برحابة الصدر والإنسانية والباب المفتوح، الشعار المرفوع على أبواب المسئولين مع أن الباب دائما مغلق بالمدير والسكرتير، لأن المسئول دائما في اجتماع أو انه مشغول، وتلفونه مغلق أو انه لا يرد- إذا كنت سعيد الحظ وعثرت على هاتفه المحمول- تظل ترن حتى « تون « ولا مجيب غير الصمت والرنين! ربما أجد لدي الشجاعة اليوم أن أكتب عن هذه القضية، التي لا بد أن لا يمحوها قرار إقالة رئيس نادي أدبي الباحة، وأن تظل متقدة في ذهن المثقف والأديب، أي المطالبة بعملية تغيير شاملة؛ لأن حادثة أدبي الباحة وما حدث مع د/ الرباعي، تؤكد على أن رؤساء الأندية الأدبية - لطول المقام – يعتبرونها ملكية خاصة، ولأنهم جاءوا بقرار تعيين، فهم يظنون أنهم النخبة المصطفاة، حتى مجلس الإدارة في أي نادٍ أدبي، لو سلمنا بأنه مجلس منتخب وهو انتخاب صوري، لأن الأندية الأدبية بدون جمعيات عمومية، وبدون آليات انتخابية واضحة ، فإن معظم الأعضاء ليس لهم علاقة بالقرارات المهمة، وإلا كيف تم لرئيس نادي الباحة اتخاذ قرار الإضرار بأديب مثقف كالدكتور الرباعي بشكل فردي؟!! كذلك يأتي سلوك رئيسة اللجنة النسائية في ذات النادي، والتي قدمت خطاب استقالة اللجنة بأكملها، واستخدمت ضمير الجمع ( نحن) دون أخذ رأي العضوات، وهذا وارد في التحقيق المنشور في جريدة المدينة يوم الأربعاء 26/2 /1431ه حيث ورد على لسان بعض العضوات، بأنه لم يكن لديهن علم بالخطاب ولا الاستقالة!! ولا أعلم لماذا أقدمت رئيسة اللجنة على تقديم خطاب الاستقالة وإقالة عضوات اللجنة معها، هل تضامنا مع شكوى رئيس النادي، أم اعتراضا على سلوك رئيس النادي؟!! والأخير- بالطبع - أستبعده، لي أسبابي! لكن المهم الآن ما هو مصير رئيسة اللجنة المستقيلة؟! وما هو مصير العضوات اللاتي لا علم لهن سوى الحضور والانصراف؟! وما هو مصير اللجنة النسائية بكاملها؟! من أجل ذلك يامعالى الوزير؛ الأندية الأدبية، والجمعيات الثقافية والمسرحية والفنية التي شكلت في عهد الوزارة السابقة بحاجة إلى: 1-حل مجالس إدارتها فورا لأنها تشكل عبئا ماليا وإداريا على المجتمع وعلى الوزارة. 2-إعادة التفكير في لوائحها الأساسية 3-إصدار نظام الجمعية العمومية ولائحة العضوية، الذي سمعنا عنه من سنوات طويلة وكأنه حبة مسكن لنهضم نظام التعيين والانتخاب الهزلي الذي تم في ذلك الحين! 4-إلغاء اللجان النسائية على أن تكون المثقفة والأديبة عضوة في مجلس الإدارة طالما أنها مشارك فعال في منا شطها المنبرية! في الحركة بركة كما يقولون، والتغيير سنة كونية، والثبات ركود وضمور، فالماء الراكد يأسن، وعذوبة النهر في جريانه وتدفقه، وقديما قال فيلسوف يوناني قديم: ( إنك لا تستطيع أن تضع قدمك في مياه النهر مرتين!) فنأمل يامعالى الوزير ألا يجلس رئيس نادٍ على كرسيه سنتين، كل سنة مرة تغيير وتجديد، والساحة الأدبية والثقافية تزخر بالأدباء من كل الفئات والاتجاهات، عن طريق الانتخابات الحرة، وإطلاق الثقة في قدرة الأدباء والمثقفين على اختيار من يمثلهم لإدارة مناشطهم، لا من يفرض عليهم ليضيق عليهم، ويتسلط عليهم، ويدير المكان وكأنه إقطاعية مملوكة، وإرث مكتسب، وأخيرا شكرا معالى الوزير.