كثيرًا ما نسمع ونقرأ عن الأدب والأدباء.. وقد اعتاد الناس على إطلاق مسمّى أو لقب (الأديب فلان)، ويقصدون الشخص الذي يهتم بالكتابة عن الشعر والنثر والفن والتراث. والعجيب أن كل مَن قال قصيدة شعرية أو ألّف قصة خيالية، أو كتب رواية غرامية يصنف ضمن الأدباء، وينضم إلى عضوية الأندية الأدبية!. * والحقيقة أنني بحثت في قصائد المعلّقات وفي لامية العرب وغيرها من الأشعار والخطب النثرية التي أثرت اللغة العربية بمفرداتها وألفاظها، ولم أجد فيها كلمة (أدب) أي أن الأدب بمفهومه الحالي لم يكن معروفًا في العصر الجاهلي قبل الإسلام، ولكنه جاء بمعنى التربية والتهذيب على لسان النبي محمّد صلّى الله عليه وسلّم، وذلك في قوله: (أدّبني ربي فأحسن تأديبي) وقال عليه الصلاة والسلام (إنّما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) ولقد أيّده ربه بقوله تعالى في سورة القلم (وإنّك لعلى خلق عظيم) أي وإنك يا محمّد لعل أدب رفيع جم وخلق فاضل كريم. * وعلى هذا الأساس الشرعي والمفهوم اللغوي نقول إن (الأدب) يعني جملة الأخلاق الفاضلة والصفات الحميدة ومثالية التعامل وحسن المنطق. أمّا الشعر والنثر والكتابة وتأليف القصص والروايات فهي تندرج تحت مفهوم النشاطات الفكرية والثقافية، وقد يكون البعض من الذين يمارسون هذه النشاطات بعيدين عن الأدب والتأدب، أو كما قيل: إذا كان الطباع طباع سوء فلا أدب يفيد ولا أديب الثقافة.. والمعرفة: عطفًا على الفقرة السابقة نقول إن (الثقافة) في اللغة تعني الحذق والفطنة، أمّا من حيث المفهوم العام فإن الثقافة لا تعني التهذيب، أو تقدم المعرفة كما قد يعتقد البعض من الذين يخلطون بين الثقافة والمعرفة رغم أن الفارق بينهما واضح وهو أن الثقافة تستمد من التراث الاجتماعي والفكري للمجتمعات البشرية منذ البدايات الأولى، حيث إن عادات الجماعات وأفكارها الموروثة يحفظها التاريخ وينقلها للأجيال المتعاقبة. أمّا (المعرفة) فتعني إدراك الأشياء على ما هي عليه، ويستمد هذا المفهوم من تطور العلوم الطبيعية، واكتساب معرفتها من خلال الدراسة والاطلاع. * على كل حال بقيت ملاحظة مهمة وهي أن البعض لا يجيدون نطق حرف (الثاء)، حيث يقولون (سقافة)، و(مسقف)، وما أكثر المسقفين في هذا الزمان!. لخولة إطلال: في مطلع معلقته قال الشاعر طرفة بن العبد: لخولة إطلال ببرقة ثهمد تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد * وعلى هذا المعنى نقول إن الدكتورة خولة الكريع كان لها إطلالة جميلة ورائعة وهي تحظى بالتقدير والتكريم من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، حيث قلّدها وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى يوم 25/1/1431ه، وذلك نظير تحقيقها عدة إنجازات بحثية متميزة في أمراض السرطان. أيضًا كانت للدكتورة خولة إطلالة بهية على الوسط الثقافي والأدبي عندما تم تكريمها في اثنينية عبدالمقصود خوجة يوم 3/2/1431ه * أقول: إن الدكتورة خولة الكريع أصبحت رمزًا وقدوة طيبة للمرأة السعودية في مجال البحوث العلمية والعلوم الطبية، وهي بلاشك تستحق التقدير والتكريم من الجميع، ولا عزاء للواتي انحصرت طموحاتهن في الموضة وقيادة السيارة!. خاطرة: بعد أن طلّقتُ الصحافة الرياضية بالثلاث دون رجعة، هأنذا أخطب ود الصحافة الثقافية والأدبية. وأرجو أن يوفقني الله في هذه التجربة الجديدة والمفيدة بلاشك، وفيما لو حصل مني تقصير، فإنني أتقبّل التوجيه والتقدير بروح رياضية وأخلاق أدبية.