على الرغم من التحذيرات المتكررة من أضرارهم الاجتماعية والأمنية بشكل عام، الا ان أعدادًا كبيرة من مجهولي الهوية لازالوا يقيمون في قرية المحلة ووادى غوان الذى يقع بين محافظتي بيش وصبيا منذ 30 عاما. يسكن هؤلاء في اكواخ وعشش من القش والطين وينتمون الى بنى عبس بمحافظة الحديدة باليمن، وينتشرون على طرق ( بيش وصبيا ) وتكاد لا تمشي على الطريق العام بين المحافظتين إلا ومجموعات من المتخلفين بجانب الطريق يلوحون بأيدهم لطلب ما تجود به نفسك.. ويقول هؤلاء إنهم في مواقعهم منذ ثلاثين عاماً أو أكثر لم يتعرضوا خلالها لأي مساءلة رغم اقامتهم غير النظامية.. مشيرين إلى انهم يعملون في الزراعة ورعى الاغنام رغم الصعوبات الكبيرة التى يتعرضون لها. ومعظم المتخلفين يعيشون حياة البادية حيث منازلهم تحت الأشجار الكبيرة ومن الأشرعة أو منازل طينية متواضعة، ويعتمدون في حياتهم على بيع المواشي في الأسواق القريبة لان الذهاب بها إلى أسواق خارج بيش وصبيا يجعلهم يصطدمون برجال الامن ومن ثم القبض عليهم وترحيلهم. أشجار وخشب • هادي محمد موش، يبلغ من العمر حوالى (30 ) عاماً، متزوج وله ثمانية أطفال قال: «لا نتعرض لمساءلة من الجهات الامنية لاننا لا نرتكب أي مضايقات ولهذا اصبحنا من اهل المنطقة ونفرح بقدوم رمضان حتى نتلقى زكوات وتبرعات كبيرة. وعندما دخلنا منزله وجدناه في حقيقة الأمر شجرة تتوسطه صناديق خشبية حولتها الأمطار والرياح إلى سكن أشباح وبحثنا عن مجلس نجري فيه حوارنا فأشار إليّ مرافقي بأن الشجرة وظلها هي المجلس. ويضيف إنه تزوج من أفراد قبيلته وله من الأبناء (8) والبيت لايتسع لهم. ويضيف أقمنا هذه المنازل من القش والطين.. ولدي (10) من الضأن وبقرة واحدة، ونعمل في مزارع بيش نزرع الذرة مناصفة بيننا وبين أصحابها.. لكن أبناءنا حرموا التعليم لأننا من الجنسية اليمنية ولا يوجد لدينا إقامات نظامية ونحن لا نعرف ديرتنا باليمن. ويقول الشاب علي هادي، متزوج ولديه طفلة، قال: ولدت هنا في هذا الموقع والآن ابلغ (20) عاماً اعمل هنا في المزارع دون ان يضايقنا احد وقد حرمت من التعليم، لكنني أتعلم القرآن في حلقة مسجد في بيش ولكن المشكلة التي تواجهنا دائماً تتمثل في السكن وفي كيفية تأمين احتياجاتنا المعيشية. وأضاف نحن ننتقل بين بيش وصبيا بحثًا عن العمل في حصاد الحقول بالمزارع أو تحميل الأعلاف.. ووسيلتنا في المواصلات هي (الحمير) التي توجد بكثرة في المنطقة.. ولا نحصل على مساعدات خيرية بسبب جنسيتنا وإقامتنا غير النظامية. أما محمد محمد عمر الموشي يبلغ من العمر حوالى (35) عاماً يقول إنه يعيش على الصدقات ولا يجد عملا او منزلا يحميه من الظروف الجوية الصعبة في المنطقة.. مضيفًا إنه يفضل العمل بالمزارع حتى لا ينكشف أمره للجوازات في حدود محافظة بيش. وأضاف لا نستطيع الانتقال الى منطقة عسير خوفاً من الشرطة والقبض علينا. ويقول محمد بن علي (40) عاما ولديه 7 اطفال قدمنا إلى المملكة واستقرينا في وادي غوان بعد ان هرب والدي من اليمن للبحث عن فرصة عمل أفضل وقد توفى هنا وبقيت أنا مع ربعي وأقاربي في هذا الوادي ودائمًا نكون خائفين من أن تقبض علينا السلطات الأمنية.. لكن لم نتعرض على مدى هذه الأعوام لأي مضايقة.. أما طبيعة أعمالنا فهي في المزارع ورعي الأغنام، وأهالي بيش طيبون وعطوفون ولا يريدون أن يقطعوا رزقنا. وفي بيت آخر استقبلنا العم (شوعي بن محمد) يبلغ من العمر (55) عاماً ولديه سبعة أطفال بالدموع قائلاً : لنا أكثر من خمسة وأربعين عاماً ولم نمد يدنا لسرقة احد ونعتمد على رعي الاغنام في توفير مصدر رزق مناسب لنا رغم الحالة الاقتصادية الصعبة. ويتفق معه في الرأي عمر علي شوعي ويقول المعاناة صعبة في ظل ضيق ذات اليد لكن ليس أمامنا خيار آخر سوى الاعتماد على ما تنتجه المزارع والقليل من الخبز.. أما (مريم وعائشة) شقيقتان بلغتا السن القانوني للتعليم تقولان نحلم بالذهاب إلى المدرسة للتعليم وكلما سألنا والدنا قال لنا إذا كبرتم أسجلكم بالمدرسة.. وجدناهم تحت عشة يلهون في المراجيح البدائية مكان التقاء آبائهم وإخوانهم للتسامر. خطر على الوطن يقول المواطنان سعيد عبدالرحمن وأحمد خلوفه أن عددا من هؤلاء المتسللين يجوبون الأودية بالمنطقة بحثاً عن العمل أو الطعام والشراب وبينما يقدم البعض على مساعدتهم يمتنع البعض الآخر.. وأضاف إن هؤلاء المتسللين ما إن يسمعوا بالشرطة حتى يهربوا إلى الجبال.. وطالب رجال الأمن في شرطة بيش والدرب النزول إلى الأودية للقبض على هؤلاء حفاظاً على المزارع والحلال من أغنام وأبقار.. مضيفا ان الجميع هناك يعرف بأنهم بلا إقامات ولا يتورعون عن القيام بفعل أي شيء في سبيل الحصول على المال.. أما المواطن إبراهيم محمد معرف يقول إلى متى وهؤلاء المتسللين ينتشرون بإعداد كبيرة في بيش والدرب والساحل، مطالباً الشرطة بالقبض عليهم وترحيلهم إلى بلادهم لأن وجودهم يشكل خطرًا كبيرًا علينا.