لم يكن فرانشيسكو يتخيل في يوم من الايام بعد معاناة استمرت 27 عاما بسبب الحرب الاهلية، ان الوئام والانسجام والتلاحم والترابط والوحدة ستعم بلاده انجولا وان الشعب الانجولي سيتحدث لغة واحدة هي كرة القدم بمناسبة استضافة هذه المستعمرة البرتغالية السابقة للنسخة السابعة والعشرين من نهائيات كأس الامم الافريقية. وأوضح فرانشيسكو، وهو طالب مجاز ينتظر فرصته من اجل العمل لاعالة عائلته المكونة من 7 افراد، ان اشد المتفائلين لم يكن يخطر بباله ما يحصل اليوم: «انجولا بأسرها فخورة باستضافتها للعرس القاري ومتعاونة من اجل انجاح هذه التظاهرة الافريقية». بالامس القريب كان الناس يخافون حتى فتح ابواب بيوتهم من اجل الخروج لقضاء حاجاتهم اليومية، لكن اليوم فالجميع خارج البيوت ولا يغمض جفن للشعب الانجولي الذي ينتظر بفارغ الصبر انطلاق هذه البطولة". اعلام، رايات، يافطات وملصقات بالوان "الظباء السوداء" وهو لقب المنتخب الانجولي، طاغية بشكل كبير في مختلف شوارع واحياء العاصمة لواندا، السيارات والمؤسسات الحكومية والخاصة مزركشة باعلام البلاد، احتفالات في كل مكان، صغار وكبار يرتدون قمصان المنتخب الانجولي، حركة نشيطة، حماس منقطع النظير يملأ نفوس سكان هذه البلاد الغنية ب"الذهب الاسود" علما بانها كانت الدولة الاكثر انتاجا للنفط الخام في القارة السمراء هذا العام الى جانب نيجيريا. ويكتشف الضيوف من الوهلة الاولى ان الامر يتعلق باقامة نهائيات كأس الامم الافريقية، لكن انجولا اعطت هذا العرس على ما يبدو اكثر مما يستحق بحسب فرانشيسكو الذي قال في تصريح لوكالة فرانس برس: "انها مجرد بطولة قارية حظوظنا فيها لن تتجاوز الدور ربع النهائي على ابعد تقدير لاننا اذا نجحنا في تخطي الدور الاول، فان ساحل العاج او غانا ستكون بانتظارنا". لكنه اردف قائلا "انه تحد كبير بالنسبة لنا. الامر لا يعد كرويا فقط بالنسبة الينا بل هو اكبر بكثير. لم يكن الناس يجرؤون على زيارة انجولا من قبل، كان الخوف ينتاب الجميع، وكانت البلاد بمثابة الشبح، الداخل اليها مفقود والخارج منها مولود. امم افريقيا 2010 فرصة جيدة للشعب الانجولي للترحيب بضيوفه وطمأنتهم على ان الحرب الاهلية باتت ضربا من الماضي واصبحت طي النسيان". وتابع "صراحة، كنا بحاجة ماسة الى استضافة احدى الدورات او البطولات الكبرى، لانها اعادت البسمة العريضة الى شفاه الناس وانستهم الى حد ما معاناة السنين الطويلة. ستفيدنا الاستضافة في مختلف المجالات، وما حدث حتى الان بسبب العرس القاري دليل ملموس على ذلك، سمعة انجولا كانت مرعبة، لكنها اليوم باتت قبلة للافارقة والاجانب على حد سواء"، مضيفا "كرة القدم بصفة خاصة والرياضة بصفة عامة تحقق ما يفشل السياسيون في تحقيقه". وخصص المسؤولون الانجوليون بقيادة رئيس البلاد جوستينو فرنانديز "خليات نحل بشرية" من اجل النجاح في رهان الاستضافة لتكون رسالة اطمئنان ايضا الى الاتحاد الدولي (فيفا) لقدرة القارة السمراء على تنظيم البطولات الكبرى وذلك قبل اشهر قليلة من استضافة جارتها جنوب افريقيا لنهائيات كأس العالم. واشاد فرانشيسكو بما حققته انجولا منذ منحها شرف الاستضافة حتى الان، وقال "ما حصل ضرب من الخيال، عندما أتجول في المدينة وارى الطرقات والمطارات والملاعب والفنادق الجديدة، لا أصدق اني متواجد في لواندا، اشعر وكأني في بلد غريب. انها انجازات رائعة وستبقى خالدة وستساهم في تنمية الاقتصاد الوطني وتعزيز حظوظنا من اجل استضافة بطولات اخرى في رياضات اخرى". واكد ميغل احد الباعة المتجولين "انتعشت ماديا في الاشهر الاخيرة، هناك اقبال منقطع النظير على قمصان لاعبي المنتخب الانجولي ونجوم القارة السمراء، لم يحصل ان ارتفعت ايراداتي من هذه التجارة الى هذا الحد حتى عندما نجحت انجولا في التأهل الى مونديال 2006، الامر الان مختلف كليا واعتقد بان السبب هو ان الشعب الانجولي متحمس جدا لانجاح هذه التظاهرة القارية جماهيريا كما جند نفسه لمساندة انجولا من اجل الذهاب بعيدا في هذه البطولة وتعويض خيبة امل التأهل الى الدور الثالث الحاسم المؤهل الى نهائيات كأس العالم". واضاف "انها فرصة مثالية جدا بالنسبة للمنتخب الانجولي لمصالحة جماهيره، فهو مطالب على الاقل ببلوغ ربع النهائي وتكرار انجازه عام 2008 في غانا عندما تخطى الدور الاول للمرة الاولى في تاريخه قبل ان يخسر امام الفراعنة 1-2 في ربع النهائي". وترفع انجولا ايضا تحديا من نوع اخر لانها تستضيف النهائيات القارية وهي البلد الافريقي الوحيد الناطق باللغة البرتغالية. واعرب موتينيو الذي يملك متجرا لبيع المعدات الرياضية عن سعادته باستضافة انجولا للنهائيات القارية، وقال "كنت دائما احلم بالحضور في امم افريقيا، لكن للاسف ظروف عملي لم تسمح لي بذلك. اليوم وبما ان البطولة ستقام في بلادي فاني لن اهدر الفرصة لمتابعة مبارياتها في الملاعب". وعانت انجولا من الحرب الاهلية لمدة 27 عاما اخرها عام 2002، وهي نجحت بفضل شركات ومستثمرين صينيين في اعادة بناء البلاد والملاعب الاربعة التي من المقرر ان تستضيف المباريات وفندقين فخمين وشبكة طرق جديدة كما جدد الصينيون خط السكك الحديد في مدينة بنغيلا (غرب) والذي سيكون مفيدا للاستغلال المنجمي خصوصا اليورانيوم. وقال المستشار الاقتصادي نوبرتو غارسيا "البلاد انخرطت في مسلسل النمو، سنجلب السياح بفضل كاس الامم الافريقية وسنعطي صورة جديدة لبلادنا".