جاء تمسّك المملكة بمنهج الاعتدال لأسباب عدّة، يأتي في مقدّمتها أن الاعتدال مبدأ هام من مبادئ الإسلام الحنيف الذي شكل القاعدة الصلبة للدولة السعودية الفتية التي تأسست على يد الملك عبدالعزيز -يرحمه الله- ولأن هذا المنهج أيضًا استطاع أن ينتصر على جميع التيارات الهدامة التي واجهت المجتمع السعودي منذ توحيد أركانه. لذا فعندما يرعى سمو أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل اليوم حفل تدشين كرسي الأمير خالد الفيصل لتأصيل منهج الاعتدال السعودي بقاعة الاحتفالات، ومركز المؤتمرات بجامعة الملك عبدالعزيز، فإنه إنّما يؤكد على الرسالة التي عبّر عنها خادم الحرمين الشريفين في كثير من المناسبات بإقرار ونشر ثقافة التسامح والاعتدال والوسطية، واحترام ثقافات ومعتقدات الآخرين، ونبذ التطرّف والتعصّب والمغالاة التي تؤدي إلى تفكّك المجتمعات، ونشر فيروس الإرهاب الذي أصبح يشكل العائق الأكبر أمام المسيرة التنموية في تلك المجتمعات والمهدد الأكبر لأمنها واستقرارها. تبني جامعة الملك عبدالعزيز لهذا الكرسي الذي سبق، وأن دعا إليه سمو الأمير خالد الفيصل خلال المحاضرة التي ألقاها في رحاب الجامعة في شهر ربيع الأول الماضي، عندما أعلن تكفله ودعمه لإنشاء كرسي لتأصيل منهج الاعتدال السعودي، من شأنه دعم دور الجامعة في مجال البحث العلمي المتعلق بهذا الخصوص، إلى جانب تعزيز الوحدة الوطنية بما يحقق خدمة المجتمع في القطاعات المختلفة، وإظهار الصورة الصحيحة لمنهج الاعتدال وتطبيقاته عبر الامتداد التاريخي للمملكة العربية السعودية، ونشر ثقافة الاعتدال لمواجهة التحديات النابعة من تيارات التطرف والغلو والتغريب، ورفع وعي وثقافة المجتمع تجاه الأفكار الضارة بكيانه واستقراره، والتأكيد على أن الإسلام دين الاعتدال بما يدعو إليه من عدل وحكمة وموعظة حسنة، وبما يحققه من توازن بين مصالح الفرد ومصالح الجماعة، وهو ما عبّرت عنه الآية الكريمة: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا». فالإسلام الذي تسير المملكة على هديه منهجًا ومنهاجًا ونبراسًا لا يقر التطرّف، ويلتزم بمبدأ تكريم الإنسان أيًّا كان عرقه، أو لونه، أو جنسيته، والمحافظة على حقوقه وكرامته التي هي تكريم من الله عز وجل لبني آدم أجمعين.