لو سئل المتابعون للأدب في المملكة: من هو أشهر «طَهْسَني» عندنا؟ (الطهسني هو الذي يتبع أسلوب طه حسين في الكتابة والإلقاء)، لأجاب كثيرون بأنه عبد الفتاح أبو مدين. ولا غرابة في ذلك لمن قرأ سيرته في كتابه المعروف ‘‘حكاية الفتى مفتاح''. فأول ما بدأ اعتناؤه بالأدب كان في قراءة النظرات ثم العبرات للمنفلوطي التي رغم جزالة لغتها إلا أنّ كلماتِها كانت تعيش في الماضي. فلا عجب أن ينجذب إلى أسلوب طه السهل الممتنع الذي يعيش الحاضر مع التطلع للمستقبل. هذا مفتاح شخصيته: السهولة الحاضر والمستقبل. ولحبه لطه كان ينوي إصدار كتاب عنه، ولكن الناقد حسين بافقيه كفاه مشقة ذلك كما ذكر. ولكم تساءلت في نفسي: كيف استطاع أن يجعل نادي جدة الثقافي رائداً للأندية الأخرى، ومنفتحاً أشد الانفتاح في غير تجاوز، ونشيطاً في النشر والأمسيات؟ فحديثو التعامل مع أبي مدين يتعاملون مع «الواجهة» أو «القناع» الذي يحمي الشخصية الحقيقية – وهذه وسيلة كثيراً ما يستعملها العصاميون الذين عركتهم الحياة ومصاعبها – فيشكّون في أنه هو الذي حقق هذه الإنجازات. أعتقد أنني استطعت اختراق القناع في منطقة الربع الخالي. كان قد وصل إلى منتصف الكثيب العظيم، فجلس. قال: أنتم الذين تستطيعون الوصول للقمة. فأخذت بيده وصعدنا سوياً. لقد كانت فرحته لا توصف. كانت أقرب لفرحة طفل متحدٍّ بريء. هي ذي شخصيته الحقيقية التي تحجبها «الواجهة» الجافة بعض الشيء، والصريحة لدرجة الإيلام، والمخلصة للحق، والأليفة العطوفة على من تحب فقط. في كتابه ‘‘ألف صفحة وصفحة من الأدب والنقد''، كتب في أكثر من ثمانين صفحة عن طالب الماجستير في جامعة الملك سعود الذي كتب أطروحتها عنه. فعَنْوَن ذلك الجزء من الكتاب ب‘‘أطروحة ثقافة التّخلّف''، فسفّه مستوى الشخص الفكري، وضحالة الأطروحة، وعدم جدارة إصدارها من أعرق جامعات المملكة. مهلاً مفتاح، لقد أخطأ الطالب فهم شخصية الأستاذ . 026821426 فاكس [email protected]