التهاب المفاصل الروماتويدي هو التهاب مزمن يصيب عادة مفاصل اليدين والقدمين والركبتين والوركين والكتفين ،يصيب هذا المرض المفاصل المُبطنة بالغشاء الزليلي. وإذا استمرت هذه الحالة لفترة طويلة من الوقت، فمن الممكن أن يتسبب في تلف دائم للأوتار والأربطة والغضروف وتشوه العظام و المفاصل. لا توجد أسباب معروفة للإصابه بالمرض، إلا أنه قد يكون ورايثياً ، وقد يؤثر على طريقة عمل الجهاز المناعي. فعلى سبيل المثال، الأشخاص حاملو الجين HLA-DR ، يكونون أكثر عرضة للإصابة بالمرض عن الأشخاص الآخرين. التهاب المفاصل الروماتويدي هو حالة مرضية متصاعدة لها أعراض وشواهد، تؤدي إلى تلف دائم بالمفاصل يزداد سوءاً مع مرور الوقت، و بالتالي يؤدي إلى التدهور الاجتماعي والوظيفي. ومن بين الأعراض السريرية لمرض التهاب المفاصل الروماتويدي: • تصلب المفاصل، وغالباً ما يكون في ساعات الصباح • تورم المفاصل الذي قد يصيب أي مفصل، لكنه في الغالب يصيب المفاصل الصغرى في اليدين والقدمين وعلى نحو متناظر • الإرهاق والحمى وفقدان الوزن والاكتئاب ويكون التهاب المفاصل الروماتويدي مصحوباً أيضاً ببعض الحالات المرضية الخطيرة الأخرى، مثل: • تلف المفاصل الدائم الذي قد يؤدي إلى العجز عن أداء الوظائف • المخاطر المتزايدة للإصابة بمرض الشريان التاجي والعدوى • من الممكن ان يقلل المرض عمر المريض عقد من الزمن . و يصيب التهاب المفاصل الروماتويدي حوالي 1 في المئة من البالغين في كل أنحاء العالم. ويبلغ عدد النساء اللواتي يعانين من المرض ضعف عدد الرجال. ومن الممكن أن يحدث هذا المرض في أي مرحلة عمرية، لكنه في الغالب يحدث بين عقدي الأربعينيات والسبعينيات كما يجب اجراء عدة اختبارات للتعرف على المرض حيث يصعب تشخيصه بدقة، كما تظهر أعراضه فقط مع مرور الوقت. ويعتمد التشخيص في الغالب على عدد من الأعراض، بما في ذلك نمط المفاصل المصابة بالمرض ونتائج الفحوص بالأشعة السينية والفحص التصويري، والتي يظهر من خلالها تلفاً في المفاصل ومستوى عال ل»جسم مضاد يسمى العامل الروماتويدي في الدم» (1) و عامل Anti CCP. لمرض التهاب المفاصل الروماتويدي أثر اقتصادي على مرضاه ، حيث تتسبب المعدلات العالية للتكاليف غير المباشرة في عجزهم عن القيام بأعمالهم اليومية. • تظهر الدراسات المعنية في أوروبا أن ما بين 20 إلى 30 في المئة من مرضى التهاب المفاصل الروماتويدي يصبحون عاجزين عن العمل خلال السنوات الثلاثة الأولى من الإصابة بالمرض. • أظهرت الأبحاث أن 66 في المئة من مرضى التهاب المفاصل الروماتويدي يفقدون في المتوسط 39 يوماً من أيام العمل في كل عام. • في أوروبا، قدرت التكاليف المباشرة لحالات «العجز عن العمل» وغير المباشرة «الرعاية الطبية» التي يتحملها المجتمع بما يصل إلى 21 ألف دولار أمريكي لكل مريض في العام الواحد. ومن الممكن أن يزيد التأثير الناجم عن عجز الشخص عن العمل وعن التفاعل مع المجتمع من احتمالات الإصابة بالاكتئاب والقلق . العلاج: قد يحدث تلف المفاصل سريعاً في المراحل الأولى من الإصابة بمرض التهاب المفاصل الروماتويدي، ويظهر تلف المفاصل في 70 في المئة من الفحوص التي تتم بالأشعة السينية على المرضى في السنتين الأول والثانية من الإصابة. كما يُظهر التصوير بالرنين المغناطيسي تغيرات في تركيبة المفاصل مقارنة مع ما كانت عليه بعد شهرين من بداية المرض. ولأن تلف المفاصل قد يحدث سريعاً في بداية الإصابة بالمرض، فقد تكون هناك حاجة فورية للبدء في علاج فعال بعد تشخيصه، وقبل أن يؤول الأمر إلى تلف جسيم في المفاصل يؤدي إلى تعذر التعافي من العودة إلى حالة ما قبل الإصابة. شهد علاج التهاب المفاصل الروماتويدي تغيراً كبيراً خلال العقد الماضي، حيث انتقل العلاج من الطريقة التحفظية التي كانت تهدف إلى السيطرة على الأعراض السريرية إلى طريقة أكثر تطوراً مصممة للحد من تلف المفاصل والعجز الذي ينتج عن الإصابة به (2). ويتمثل الهدف الأساسي من علاج التهاب المفاصل الروماتويدي في الحيلولة دون تطور المرض، أو ما يعرف في سياق آخر بالحد من المرض. • من الناحية التاريخية، كان مرض التهاب المفاصل الروماتويدي يعالج بالاعتماد على العقاقير المضادة للالتهاب التي لا تحتوي على الستيرويد «عقاقير NSAIDs» مثل عقار «إيبوبروفين» أو الأدوية المسكنة البسيطة التي تخفف الألم والأعراض. • على الرغم من ذلك، يتم في الوقت الحالي استبدال هذه الأدوية بتلك العقاقير المعدلة المضادة للروماتويد «DMARDs» والتي لها تأثير منظم على الجسم وتمنع حدوث تلف في تركيبة المفاصل على المدى الطويل. وتشمل هذه الأدوية، «ميثوتريكسيت» methotrexate و «سولفاسالازين» solfasalazine و «ليفلونوميد» leflunomide و»هيدروكسي كلوروكوين « ydroxychloroquine و«الذهب» gold. • يعتبر علاج «ميثوتريكسيت» أكثر أنواع عقاقير DMARD إستخداماً، على الرغم من أن المرضى بحاجة لإجراء اختبارات منتظمة لفحص الدم ومراقبة الآثار الجانية الناجمة عنه. تم في الآونة الأخيرة تطوير فئة جديدة من العلاجات تسمى الأدوية البيولوجية لعلاج التهاب المفاصل الروماتويدي، المصنعة من البروتينات البشرية والحيوانية الحية. وفي حين أن لبعض الأدوية الأخرى تأثير كبير على الجهاز المناعي، إلا أن المواد البيولوجية مصممة خصيصاً لاستهداف المواد الوسيطة التي يعتقد أن لها دور في عملية الالتهاب. وتعمل بعض المواد البيولوجية على منع نشاط البروتينات الطبيعية في الجسم والتي تسمى «عامل نخر الأورام «ألفا» (تي إن إفي TNF)» وتعرف بعوامل TNF المضادة. ومن بين عوامل TNF المضادة التي اعتمدت في علاج التهاب المفاصل الروماتويدي في أوروبا: • إنبريل • هيوميرا • ريميكاد وكشفت التحاليل أن الأدوية البيولوجية تحد من تطور تلف المفاصل، و تحول دون تفاقم الحالة المرضية، وتسمح للمرضى بالتخفيف من حدة المرض، حسب ما أظهرت نتائج الأشعة السينية والتي تم تقييمها من قبل التصوير بالراديو وفحوص الرنين المغناطيسي MRI. ولا يقوم العلاج المبكر الفعال بالحد من المرض أو حتى وقف تفاقم الإصابة فحسب، ولكنه يعمل على تحسين جودة الحياة، ويقلل أيضاً من التكاليف الاجتماعية من خلال المحافظة على الإنتاج وتخفيف العبء المالي للعلاج لفترة طويلة. فاعلية تكلفة العلاج بالأدوية البيولوجية: ترتفع تكلفة العلاج البيولوجي لحالات الالتهاب مثل التهاب المفاصل الروماتويدي، ولكن مقارنة بالتحسن في جودة حياة المرضى والحد من المضاعفات المصاحبة للمرض، فإن المواد البيولوجية تحد من التكاليف العلاجية. الدكتور / حسين حلبي استشاري روماتيزم بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث – جدة