انطلقت قنوات فضائية سعودية متخصصة جديدة ضمن خدمة إعلامية نوعية تضاف إلى كوكبة القنوات السعودية وتحقق تكاملا مطلوبا يعكس رؤية القيادة وتقديرها لدور الإعلام في خدمة الدين الحنيف والثقافة الوطنية بجذورها الإسلامية العربية وبآفاق رحبة في تشكيل الوعي وترسيخ جسور الحوار . هذه بلا شك مهمة دقيقة على عاتق وزارة الثقافة والإعلام وعلى رأسها معالي الوزير الشاعر والمفكر والدبلوماسي الدكتور عبد العزيز محي الدين خوجة . امتدادا لمنظومة الوكلاء والمسؤولين والخبراء بالوزارة والساحة الإعلامية عامة بكل روافدها التي تصب في إثراء الحراك الفكري والبناء الإنساني . وبقراءة منطلقات هذه الإطلاقة النوعية لمجموعة القنوات الأربع ، سنجدها واضحة في توجيهات خادم الحرمين الشريفين حفظه الله ، والتي كشف عنها معالي الوزير وهي : - قناتان للقرآن الكريم والسنة النبوية - إنشاء قناة اقتصادية .. وقناة للثقافة والحوار . والحقيقة أحسنت الوزارة صنعا في ترجمة توجيهات القيادة لهذه الخطوة وفي هذه المجالات الإعلامية المتخصصة التي تفتقدها الساحة والمشاهد والأسرة ، خاصة وأن لدينا القنوات العامة والرياضية ولحقت بها قناة الأطفال ، وبهذا يكتمل العقد تقريبا ليغطي أهم المجالات الإعلامية وأكثرها تأثيرا في قناعات المجتمع بكل أطيافه ، والبقية تأتي إن شاء الله تجاه القنوات التعليمية وغيرها لدعم ثقافة التعليم المفتوح . وما أود قوله هنا وأبدأ بالقناتين الدينيتين ، وهما يهدفان بالتأكيد إلى ما فيه صالح الإنسان في دينه ودنياه وكلاهما متلازمان بمعيار دقيق وأكثر أهمية وحساسية في هذا العصر الذي يموج بالتحديات الفكرية والثقافية والغزو الثقافي المباشر الذي يؤثر كثيرا في حياة الفرد والأسرة والمجتمع ، وقد عشنا سنوات مضت مع بدء عصر العولمة نتوجس خيفة من الفضاء المفتوح . لقد انطلقت الدعوة الإسلامية بالرسالة المحمدية من مكةالمكرمة والمدينة المنورة ، ولأجيال كثيرة وأزمنة طويلة كان الحرمان الشريفان المدرسة الأولى في العلوم الشرعية ، حيث حلقات العلماء التي استقطبت طلاب العلم من بلادنا والعالم الإسلامي ومن المصلين ، وكان لكل حلقة عالم له اجتهاداته وطلابه ، فكانت بمثابة مدارس متعددة رغم تجاورها في صحن الحرمين. وهذا التاريخ لدور الحرمين في الإشعاع الفكري والإسلامي إنما هو مراحل من دور المملكة التي تمثل قلب العالم الإسلامي وقبلة المسلمين في المعمورة حيث الكعبة المشرفة ومهوى الأفئدة إلى أقدس المقدسات ، وهذا يضع مسؤولية عظيمة على القناتين الدينيتين ليس فقط نحو الجوانب الشرعية ، بل عمقها في حياة كل مجتمع مسلم عقيدة وتربية وأخلاقيات حياة تستمد جذورها من الدين الحنيف عبر هذه القنوات ، خاصة وأن هناك قنوات أخرى سبقتها ولها تجربة اتفقنا معها أو مع بعض برامجها أو اختلفنا . نتمنى أن تكون القناتان من الرحابة والتنوع في الطرح ما يجعلها الأهم والأول لشرائح واسعة خاصة الأسرة التي هي الوعاء والبوتقة الأساسية الأولى للتربية وبناء الأجيال .. وفي هذا نتطلع إلى دور للقناتين الدينيتين يثري حياة الناس بالتنوع والرأي والرأي الآخر ، فتكون خيار الأغلبية من المشاهدين والمشاهدات ، ولذلك لابد أن نخاطب الرجال والنساء على السواء وبطبيعة الحال الشباب. وأن تتسم هذه القنوات بالحركة والانتشار ، فالإسلام في كل دول العالم تقريبا ، وعليها أن تصل للمتلقي ، وتراعي فروق التوقيت مع الدول البعيدة ذات الجاليات المسلمة ، وهذا يحتاج إلى اعتماد برامج بلغات أخرى إلى جانب العربية أو على الأقل البرامج المصحوبة بالترجمة ، وهذا يفيد ملايين من الوافدين الموجودين بيننا من غير العرب وكذلك المعتمرين والحجاج ، لتخاطب الجميع من بلد الحرمين . وبالنسبة للقناة الثقافية والقناة الاقتصادية ، فهما شريانان إعلاميان مهمان أيضا ، لأننا افتقدنا طويلا صوتا إعلاميا اقتصاديا متخصصا يعكس مكانة المملكة إن كان في دورها الحضاري أو أهميتها الاقتصادية ، لذلك نأمل خيرا بهذه الكوكبة من القنوات أن تعزز مكانة الإعلام السعودي في الفضاء العربي والإسلامي والعالمي ، وهو فضاء مزدحم بكل الاتجاهات والتوجهات.. والتحدي في أن تكون قنواتنا الخيار الأول للأسرة والمشاهدين على اختلافهم خاصة وأنها ستكون معنية بقضايا مهمة ترتكز على تأصيل الحوار في كافة مفاصل المجتمع .