يُوضح د.أحمد الحمصي المستشار الأسري أن العادات الغذائية هي عادات متوارثة فيقول: لا يزال الآباء والأمهات يتلقفون المعلومات الطبية حول غذاء الطفل، فهذا الطعام ينفعه ويغذيه، وذاك يضره ويؤذيه، وهذا لا يجوز الإكثار منه، وذاك يؤدي إلى تسوس الأسنان، ولكن هل تكفي هذه المعلومات الطبية لبناء عادات غذائية سليمة عند أبنائنا؟ هل سيُقبل الطفل على الغذاء الصحي لمجرد أنه مفيد؟ وهل سيتخلى عن حبه للحلويات الدسمة ذات الألوان الصناعية لمجرد أنها ضارة؟ فالعادات الغذائية متوارثة كما هو الحال في العادات الاجتماعية، لذا فإن الخطوة الأولى لبناء عادات غذائية صحية عند أبنائنا هي أن نبدأ بأنفسنا فنقيدها بما ينصحنا به الأطباء، وهذه الخطوة هي التربية بالقدوة. ويُضيف قائلاً: السؤال الذي يجب أن نطرحه على أنفسنا ونعلمه لأبنائنا: لماذا نأكل؟ سنجد عدة إجابات، وبحسب كل إجابة يتوجه السلوك الغذائي عند الواحد منا، فمنا من يقول: نحن نأكل لنشبع، وثانٍ يقول: نحن نأكل لتقوى أجسامنا وتصح، وثالث يقول: أنا آكل لكي أستمتع وأتلذذ. فالأول بسبب طريقة تفكيره يفرط في ملء معدته ولو أتيحت له الفرصة لملء رئتيه لما توانى، والثاني يكفي أن تقول له: إن هذا الطعام مفيد لصحتك، حتى تراه مقبلاً عليه غير عابئ بمرارته أو حلاوته، المهم أنه يحافظ له على رشاقته وحيويته، ويملؤه أمل بمستقبل مشرق يتمتع فيه بقوته وأجهزة جسمه. والثالث اتخذ من الطعام وسيلة إمتاع، الطعم بالنسبة إليه مهم جدا ولكن غالباً ما يقودها إذا لم يكبح جماحها إلى هاوية المرض. فانظر أي نوع من الناس أنت تجاه الطعام، لأن ولدك سيقتدي بك، وعندما نطعم أبناءنا نستخدم بعض العبارات التي توجهه إلى أن يكون واحداً من هؤلاء الثلاثة: فنقول مثلاً: هذا العسل يجعلك قوياً، وهذه الحليب ينمي عظامك. ولا بأس أن نمزج بين النموذج الثاني (الذي يأكل ليستفيد ويصح) والنموذج الثالث (الذي يتلذذ ويتنعم بالطعام) فالطعام غذاء للجسم، وهو في ذات الوقت وسيلة إمتاع ولذة مباحة. أما النموذج الأول (الذي يأكل لمجرد الشبع) فبعيد كل البعد عن الصحة. ويسترسل في نماذج الأشخاص في التعامل مع الغذاء فيقول: وهناك نموذج رابع لا يقل سوءا عن الأول، وهو الشخص الذي يأكل ليفرغ توتره، فكلما غضب أو حزن أو قلق أقبل بنهم على الطعام ليفرغ فيه غيظه وغله فنجده ينهش من هنا ويعب من هناك حتى يزول توتره. وللأسف كثيرا ما نربي أبناءنا على ذلك، فكلما بكى الطفل أعطيناه قطعة حلوى، وكلما تشنج الرضيع ألقمته أمه ثديها، وكلما تشاجر الأبناء مع بعضهم، عقدنا لحل المشكلة قمة فيها طعام!. !!Article.footers.image-caption!!