** «جدة» مدينة محيرة لأبنائها وساكنيها الذين يقربون من أربعة ملايين نسمة يقال بأن نصفهم غير مواطنين وكل مسئول فيها يعرف معاناتها .. ومشكلاتها المتشعبة بين أروقة ودواوين الوزارات والبيوت التجارية الكبيرة .. وجاء سيل الأربعاء ليعيد الحيرة إلى نقطة الصفر .. ويفتح الأنظار إلى ثاني أكبر مدينة في المملكة .. وأقدم مدينة اختلف المؤرخون في نشأتها ، لكن قبر «أمنا حواء» إذا صدقت الروايات يجعل تاريخها مرتبطاً بخلق الله سبحانه وتعالى لخليفته في الأرض «آدم» عليه السلام . ولأنه كما يقال بأن أمنا حواء خلقت من ضلع أعوج .. فإن جدة التي احتوت رفاتها أيضا اكتسبت نفس الاعوجاج في نشأتها وتنميتها ومشاريعها .. واستمر الاعوجاج وكلما اشتد ألمه زادت حدة الكلام عنه .. وأعتقد أن الوقت قد حان لتعديل الأعوج وتصحيحه ، لكن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ، فمشكلة جدة في أهلها وبيوتها العريقة التي لن أكون متجاوزا إن قلت بأنهم تنكروا لها وأخذوا أجمل مافيها ولمَّا يكونوا أوفياء معها ، أهل جدة يتكلمون ولا يفعلون وينتقدون ولا يصلحون ويخرجون أموالهم و ماكسبوه إلى خارجها ويتركونها لاستثمارات أبناء البلد الذين أحبوا جدة وعرفوا سحرها فاتجهوا لها ، قولوا لي ماهو أبرز معلم حضاري أو معماري أنشأه أحد من أهل جدة ، دعوا عنكم مبنى البنك الأهلي التجاري ، ومبنى البنك الإسلامي واذكروا لي معلما آخر حرص أحد تجار جدة على أن يبنى فيها ويكون شاهدا على نهضتها .. حتى الأسواق التجارية التي تزدان بها جدة أنشأها أبناء تجار بلادنا الذين أحبوها أكثر من أهلها . أقول هذا الكلام وأنا أتابع من مايكتب من نبش للماضي وانتقاد وتصفية حسابات للمسئولين السابقين والحاليين عنها .. وأجد الآن بأن الأمر الملكي ورئاسة أمير المنطقة خالد الفيصل للجنة تقصي الحقائق التي أمر بها ولي الأمر ستعمل على تصحيح مسار عروس البحر الأحمر ، وأتمنى أن لاتلتفت اللجنة الى مايكتب ولا تتأثر به لأنها لن تجد أكثر من انتقادات بدون حلول أو اقتراحات لاتنطلق من دراسات علمية دقيقة ..